تقدم على يمين المدعي فإذا تعارضت البينتان وجب ابقاء يده على ما فيها وتقديمه قالوا لم تكن بينة لواحد منهما وحديث جابر يدل على هذا فإنه إنما قدمت بينته ليده ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه) فجعل جنس البينة في جنبة المدعي فلا يبقى في جنبة المدعى عليه بينة ولان بينة المدعي أكثر فائدة فوجب تقديمها كتقديم بينة الجرح على التعديل ودليل كثرة فائدتها انها تثبت شيئا لم يكن وبينة المنكر إنما تثبت ظاهرا تدل اليد عليه فلم تكن مفيدة ولان الشهادة بالملك يجوز أن يكون مستندها رؤية اليد والتصرف فإن ذلك جائز عند كثير من أهل العلم فصارت البينة بمنزلة اليد المفردة فتقدم عليها بينة المدعي كما تقدم على اليد كما أن شاهدي الفرع لما كانا مبنيين على شاهدي الأصل لم تكن لهما مزية عليهما (فصل) وأي البينتين قدمناها لم يحلف صاحبها معها، وقال الشافعي في أحد قوليه يستحلف صاحب اليد لأن البينتين سقطتا بتعارضهما فصارا كمن لا بينة لهما فيحلف الداخل كما لو لم تكن لواحد منهما بينة ولنا ان إحدى البينتين راجحة فيجب الحكم بها منفردة كما لو تعارض خبران خاص وعام أو أحدهما أرجح بوجه من الوجود، ولا نسلم أن البينة الراجحة تسقط وإنما ترجح ويعمل بها وتسقط المرجوحة (فصل) فإن كانت البينة لأحدهما دون الآخر نظرت فإن كانت البينة للمدعي وحده حكم بها ولم يحلف بغير خلاف في المذهب وهو قول أهل الفتيا من أهل الأمصار منهم الزهري وأبو حنيفة
(١٦٨)