الأخرى وإن شهد بكل واحد من هذين شاهد واحد كان له أن يحلف مع أحدهما ولا يتعارضان لأن التعارض إنما يكون بين البينتين الكاملتين (فصل) وإن شهد أحدهما أنه غصبه ثوبا قيمته درهمان وشهد آخر أن قيمته ثلاثة ثبت له ما اتفقا عليه وهو درهمان وله أن يحلف مع الآخر على درهم لأنهما اتفقا على درهمين وانفرد أحدهما بدرهم فأشبه ما لو شهد أحدهما بألف وآخر بخمسمائة وإن شهد شاهدان أن قيمته درهمان وشاهدان أن قيمته ثلاثة ثبت له درهمان وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة له ثلاثة لأنه قد شهد بها شاهدان وهما حجة فيجب الاخذ بهما كما يؤخذ بالزيادة في الاخبار وكما لو شهد له شاهدان بألف وشاهدان بألفين فإنه يجب له ألفان قال القاضي ويتوجه لنا مثل هذا بناء على مسألة الألف وخمسمائة ولنا أن من شهد أن قيمته درهمان ينفي أن تكون قيمته ثلاثة فقد تعارضت البينتان في الدرهم وتخالف الزيادة في الاخبار فإن من يروي الناقص لا ينفي الزيادة وكذلك من شهد بألف لا ينفي أن عليه ألفا آخر فإن قيل فلم قلتم انه إذا شهد بكل واحد من القيمتين شاهدان تعارضتا وإن شهد واحد لم تتعارضا وكان له ان يحلف مع الشاهد بالزيادة عليها قلنا لأن الشاهدين حجة وبينة فإذا كملت من الجانبين تعارضت الحجتان لتعذر الجمع بينهما، واما الشاهد الواحد فليس بحجة وحده وإنما يصير حجة مع اليمين فإذا حلف مع أحدهما كملت الحجة بيمينه ولم يعارضهما ما ليس بحجة كما لو شهد بأحدهما شاهدان وبالآخر شاهدي واحد (مسألة) قال (ومن ادعى شهادة عدل فأنكر أن تكون عنده ثم شهد بها بعد ذلك وقال كنت أنسيتها قبلت منه) وجملة ذلك أن العدل إذا أنكر أن تكون عنده شهادة ثم شهد بها وقال كنت أنسيتها قبلت ولم ترد شهادته وبهذا قال الثوري والشافعي وإسحاق ولا أعلم فيه مخالفا وذلك لأنه يجوز أن يكون نسيها وإذا كان ناسيا لها فلا شهادة عنده فلا نكذبه مع امكان صدقه ولا يشبه هذا إذا ما قال لا بينة لي ثم أتى ببينة حيث لا تسمع فإن ذلك اقرار منه على نفسه بعدم البينة والانسان يؤاخذ باقراره وقول الشاهد لا شهادة عندي ليس بقرار فإن الشهادة ليست له إنما هي حق عليه فيكون منكرا لها فإذا اعترف بها كان اقرارا بعد الانكار وهو مسموع بخلاف الانكار بعد الانكار ولان الناسي للشهادة لا شهادة له عنده فهو صادق في إنكاره فإذا ذكرها صارت عنده فلا تنافي بين القولين وصار هذا كمن أنكر أن يكون عنده شهادة قبل ان يستشهد ثم استشهد بعد ذلك فصارت عنده بخلاف من أنكر أن له بينة فإنه لا يخرج عن أن يكون له بينة بنسيانها
(١٥٧)