وما عداه فلا تكفي التوبة حتى تمضي عليه سنة تظهر فيها توبته ويتبين فيها صلاحه. وذكر أبو الخطاب هذا رواية لأحمد لأن الله تعالى قال (إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا) وهذا نص فإنه نهى عن قبول شهادتهم ثم استثنى التائب المصلح، ولان عمر رضي الله عنه لما ضرب صبيغا أمر بهجرانه حتى بلغته توبته فأمر أن لا يكلم إلا بعد سنة ولنا قوله عليه السلام (التوبة تجب ما قبلها) وقوله (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) ولان المغفرة تحصل بمجرد التوبة فكذلك الأحكام ولان التوبة من الشرك بالاسلام لا تحتاج إلى اعتبار ما بعده وهو أعظم الذنوب كلها فما دونه أولى فاما الآية فيحتمل أن يكون الاصلاح هو التوبة وعطفه عليها لاختلاف اللفظين ودليل ذلك قول عمر لأبي بكرة تب اقبل شهادتك ولم يعتبر أمرا آخر ولان من كان غاصبا فرد ما في يديه أو مانعا الزكاة فأداها وتاب إلى الله تعالى قد حصل منه الاصلاح وعلم نزوعه من معصيته بأداء ما عليه ولو لم يرد التوبة ما أدى ما في يديه ولان تقييده بالسنة تحكم لم يرد الشرع به والتقدير إنما يثبت بالتوقيف وما ورد عن عمر في حق صبيغ إنما كان لأنه تائب من بدعة وكانت توبته بسبب الضرب والهجران فيحتمل انه أظهر التوبة تسترا بخلاف مسئلتنا وقد ذكر القاضي أن التائب من البدعة يعتبر له مضي سنة لحديث صبيغ رواه أحمد في الورع قال ومن علامة توبته أن يجتنب من كان يواليه من أهل البدع ويوالي من كان يعاديه من أهل السنة
(٨١)