وقد روي عن أبي سفيان أنه حين سأله قيصر عن النبي صلى الله عليه وسلم وصفته فقال: والله لولا أني كرهت أن يؤثر عني الكذب لكذبته، ولم يكن يومئذ ذا دين ولان الكذب دناءة والمروءة تمنع من الدناءة وإذا كانت المروءة مانعة من الكذب اعتبرت في العدالة كلدين ومن فعل شيئا من هذا مختفيا به لم يمنع من قبول شهادته لأن مروءة لا تسقط به وكذلك إن فعله مرة أو شيئا قليلا لم ترد شهادته لأن صغير المعاصي لا يمنع الشهادة إذا قل فهذا أولى ولان المروءة لا تختل بقليل هذا ما لم يكن عادته.
(النوع الثاني) في الصناعات الدنيئة كالكساح والكناس لا تقبل شهادتهما لما روى سعيد في سننه أن رجلا أتى ابن عمر فقال له اني رجل كناس قال أي شئ تكنس؟ الزبل؟ قال: لا.
قال فالعذرة؟ قال: نعم قال - منه كسبت المال ومنه تزوجت ومنه حججت؟ قال: نعم. قال الاجر خبيث وما تزوجت خبيث حتى تخرج منه كما دخلت فيه. وعن ابن عباس مثله في الكساح ولان هذا دناءة يجتنبه أهل المروءات فأشبه الذي قبله. فأما الزبال والقراد والحجام ونحو هم ففيه وجهان (أحدهما) لا تقبل شهادتهم لأنه دناءة يجتنبه أهل المروءات فهو كالذي قبله (والثاني) تقبل لأن بالناس إليه حاجة فعلى هذا الوجه إنما تقبل شهادته إذا كان يتنظف للصلاة