وبين الوارث ان اقراره الأول لم يمنعه التصرف في ماله ولا أن يتعلق به دين آخر بأن يستدين دينا آخر فلم يمنع ذلك تعلق الدين بتركته بالاقرار بخلاف الوارث فإنه لا يملك أن يعلق بالتركة دينا آخر بفعله فلا يملكه بقوله ولا يملك التصرف في التركة ما لم يلتزم قضاء الدين.
(فصل) وإن مات وترك ألفا فأقر به ابنه لرجل ثم أقر به لغيره فهو للأول ولا شئ للثاني فيه سواء كان في مجلس أو مجلسين لأنه باعترافه للأول ثبت له الملك فيه فصار اقراره للثاني اقرارا له بملك غيره فلم يقبل وتلزم المقر غرامته للثاني لأنه فوته عليه باقراره به لغيره فأشبه ما لو غصبه منه فدفعه إلى غيره.
(مسألة) قال (ومن ادعى دعوى على المريض فأومأ برأسه أي نعم لم يحكم بها حقي يقول بلسانه) وجملته ان إشارة المريض لا تقوم مقامه نطقه وسواء كان عاجزا عن الكلام أو قادرا عليه وبهذا قال الثوري، وقال الشافعي يقبل اقراره بإشارته إذا كان عاجزا عن الكلام لأنه اقرار بالإشارة من عاجز عن الكلام فأشبه اقرار الأخرس ولنا أنه غير مأيوس من نطقه لم تقم إشارته مقام نطقه كالصحيح وبهذا فارق الأخرس فإنه مأيوس من نطقه ولهذا لو ارتج عليه في الصلاة لم تصح صلاته بغير قراءة بخلاف الأخرس، والآيسة يفرق بينهما وبين من ارتفع حيضها مع امكانه في العدة ولان عجزه عن النطق غير متحقق فإنه يحتمل ان يترك الكلام لصعوبته عليه ومشقته لا لعجزه وان صار إلى حال يتحقق الا ياس من نطقه لم يوثق بإشارته لأن المرض الذي أعجزه عن النطق لم يختص بلسانه فيجوز أن يكون أثر في عقله أو في سمعه فلم يدر ما قيل له بخلاف الأخرس ولان الأخرس قد تكررت إشارته حتى صارت عند من يعاشره كاليقين ومما ثلة النطق وهذا لم تتكرر إشارته فلعله لم يرد الاقرار إنما أراد الانكار أو اسكات من يسأله ومع هذه الفروق لا يصح القياس (مسألة) قال (ومن ادعى دعوى وقال لا بينة لي ثم أتى بعد ذلك بينة لم تقبل لأنه مكذب لبينته) وبهذا قال محمد بن الحسن وقال أبو يوسف وابن المنذر تقبل وهو ظاهر مذهب الشافعي لأنه يجوز أن ينسى أو يكون الشاهدان سمعا منه وصاحب الحق لا يعلم فلا يثبت بذلك أنه كذب بينته وقال بعض أصحاب الشافعي وإن كان الاشهاد أمرا تولاه بنفسه لم تسمع بينته لأن أكذبها وإن كان وكيله أشهد على المدعى عليه