ولنا أنها جناية صدرت عن خطأ الإمام فكانت مضمونة عليه كما لو قطعه أو قتله (فصل) ولو حكم الحاكم بمال بشهادة شاهدين ثم بان أنها فاسقان أو كافران فإن الإمام ينقض حكمه ويرد المال إن كان قائما وعوضه إن كان تالفا فإن تعذر ذلك لاعساره أو غيره فعلى الحاكم ضمانه ثم يرجع على المشهود له، وعن أحمد رواية أخري لا ينقض حكمه إذا كانا فاسقين ويرغم الشهود المال وكذلك الحكم إذا شهد عنده عدلان ان الحاكم قبله حكم بشهادة فاسقين ففيه روايتان لا يغرم الشهود المال وكذلك الحاكم إذا شهد واختلف أصحاب الشافعي فيه أيضا ولا خلاف بين الجميع في أنه ينقض حكمه إذا كانا كافرين وينقض حكم غيره إذا ثبت عنده أنه حكم بشهادة كافرين فقيس على ذلك ما إذا حكم بشهادة فاسقين فإن شهادة الفاسقين مجمع على ردها وقد نص الله تعالى على التبين فيها فقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) وأمر بالشهاد العدول وقال (واشهدوا ذوي عدل منكم) واعتبر الرضا بالشهداء فقال تعالى (ممن ترضون من الشهداء) فيجب نقض الحكم لفوات العدالة كما يجب نقضه لفوات الاسلام ولان الفسق معنى لو ثبت عند الحاكم قبل الحكم منعه فإذا شهد شاهدان أنه كان موجودا حالة الحكم وجب نقض الحكم كالكفر والرق في العقوبات إذا ثبت هذا فإن أبا حنيفة قال لا يسمع الحاكم الشهادة بفسق الشاهدين لا قبل الحكم ولا بعده، ومتى رجح المشهود عليه البينة لم تسمع بينته بالفسخ ولكن يسأل عن الشاهدين ولا تسمع على الفسق شهادة لأن الفسق لا يتعلق به حق أحد فلا تسمع فيه الدعوى والبينة ولنا أنه معنى يتعلق الحكم به فسمعت فيه الدعوى والبينة كالتزكية وقوله لا يتعلق به حق أحد ممنوع فإن المشهود عليه يتعلق حقه بفسقه في منع الحكم عليه قبل الحكم ونقضه بعده وتبرئته من أخذ ماله أو عقوبته بغير حق فوجب ان تسمع فيه الدعوى والبينة كما لو ادعى رق الشاهدين ولم يدعه لنفسه ولأنه إذا لم تسمع البينة الفسق أدى إلى ظلم المشهود عليه لأنه يمكن ان لا يعرف فسق الشاهدين
(١٥١)