(مسألة) قال (ومن شهد بشهادة يجر إلى نفسه بعضها بطلت شهادته في الكل) وجملته أن من شهد بشهادة له بعضها مثل أن يشهد الشريك لشريكه بمال من الشركة أو يشهد على زيد بدار له ولعمرو فإن شهادته تبطل في الكل وقال الشافعي فيها قولان (أحدهما) كقولنا (والثاني) تصح شهادته لغيره لأنه أجنبي فتصح شهادته له كما لو لم يكن له فيها شرك ويتخرج لنا مثل هذا بناء على قولنا في عبد بين ثلاثة اشترى نفسه منهم بثلاثمائة درهم فادعى أنهم قبضوها منه فأنكر أحدهم أن يكون أخذ شيئا فأقر له اثنان وشهدا على المنكر بالقبض فإن شهادتهما تقبل عليه ويشاركهما فيما أخذا من المال ولنا أنها شهادة رد بعضها للتهمة فترد جميعها كما لو شهد المضارب لرب المال بمال من المضاربة ولو شهد بدين لأبيه وأجنبي أو شهد بشهادة ترد في بعض ما شهد به بطلت كلها (مسألة) قال (وإذا مات رجل وخلف ابنا وألف درهم فادعى رجل على الميت ألف درهم وصدقه الأب وادعى آخر مثل ذلك وصدقه الابن فإن كان في مجلس واحد كان الألف بينهما وإن كان في مجلسين كان الألف للأول ولا شئ للثاني) وجملته ان الميت إذا خلف وارثا وتركة فأقر الوارث لرجل بدين على الميت يستغرق ميراثه فقد أقر بتعليق دينه بجميع التركة واستحقاقه لجميعها فإذا أقر بعد ذلك لآخر نظرت فإن كان في المجلس صح الاقرار واشتركا في التركة لأن حالة المجلس كلها كحالة واحدة بدليل القبض فما يعتبر القبض فيه وامكان الفسخ في البيع ولحوق الزيادة في العقد فكذلك في الاقرار، وإن كان في مجلس آخر لم يقبل اقراره لأنه يقر بحق على غيره فإنه يقر بما يقتضي مشاركة الأول في التركة ومزاحمته فيها وتنقيص حقه منها ولا يقبل إقرار الانسان على غيره، وقال الشافعي يقبل اقراره ويشتركان فيها لأن الوارث يقوم مقام الموروث ولو أقر الموروث لهما لقبل فكذلك الوارث ولان منعه من الاقرار يفضي إلى اسقاط حق الغرماء فإنه قد لا يتفق حضورهم في مجلس واحد فيبطل حقه بغيبته ولان من قبل اقراره أولا قبل اقراره ثانيا إذا لم يتغير حاله كالموروث.
ولنا انه أقر بما يتعلق بمحل تعلق به حق غيره على وجه يضر به تعلقا يمنع صحة تصرفه فيه فلم يقبل كاقرار الراهن بجناية عبده المرهون أو الجاني، وأما الموروث فإن أقر في صحته صح لأن الدين لا يتعلق بماله وإنما يتعلق بذمته، وإن أقر في مرضه لم يحاص المقر له غرماء الصحة لذلك، وان أقر في مرضه لغريم يستغرق دينه تركته ثم أقر لآخر في مجلس آخر صح وشارك الأول والفرق بينة