ووفاء بمال الكتابة ونحو هذا قال إبراهيم وعمرو بن دينار وغيرهما وعبارتهم في ذلك مختلفة قال ابن عباس غنى وإعطاء للمال وقال مجاهد غنى وأداء وقال النخعي صدق ووفاء وقال عمرو بن دينار مال وصلاح وقال الشافعي قوة على الكسب وأمانة وهل تكره كتابة من لا كسب له أولا؟ قال القاضي ظاهر كلام أحمد كراهيته وكان ابن عمر رضي الله عنه يكرهه وهو قول مسروق والأوزاعي وعن أحمد رواية أخرى أنه لا يكره ولم يكره الشافعي وإسحاق وابن المنذر وطائفة من أهل العلم لأن جويرية بنت الحارث كاتبها ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري فاتت النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابيها فادى عنها كتابتها وتزوجها واحتج ابن المنذر بان بريرة كاتبت ولا حرفة لها ولم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجه الأول ما ذكرنا في عتقه وينبغي ان ينظر في المكاتب فإن كان ممن يتضرر بالكتابة ويضيع لعجزه من الانفاق على نفسه ولا يجد من ينفق عليه كرهت كتابته وإن كان يجد من يكفيه مؤنته لم تكره كتابته لحصول النفع بالحرية من غير ضرر فاما جويرية فإنها كانت ذات أهل ومال وكانت ابنة سيد قومه فإذا عتقت رجعت إلى أهلها فاخلف الله لها خيرا من أهلها فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصارت إحدى أمهات المؤمنين وأعتق الناس ما كان بأيديهم من قومها حين بلغهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وقالوا أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير امرأة أعظم بركة على قومها منها وأما بريرة فإن كتابتها تدل على إباحة ذلك وانه ليس بمنكر ولا خلاف فيه وإنما الخلاف
(٣٤٠)