الحق له فلم يكن له بدل بخلاف الرهن والوقف فإن الحق ثابت فيهما مقام بدلهما مقامهما وبين الرهن والمدبر فرق رابع وهو ان الواجب القيمة ولا يمكن وجود التدبير فيها ولا قيامها مقام المدبر فيه وان أخذ عبدا مكانه فليس هو البدل إنما هو بدل القيمة بخلاف الرهن فإن القيمة يجوز أن تكون رهنا فإن قيل فهذا يلزم عليه الموقوف فإنه إذا قتل أخذت قيمته فاشتري بها عبد يكون وقفا مكانه قلنا قد حصل الفرق بين المدبر والرهن من الوجوه الثلاثة وكونه لا يحصل الفرق بينه وبين الوقف من هذا الوجه لا يمنع أن يحصل الفرق بينه وبين الرهن به.
(فصل) وإذا دبر السيد عبده ثم كاتبه، جاز نص عليه احمد وهذا قول ابن مسعود وأبي هريرة والحسن ولفظ حديث أبي هريرة عن مجاهد قال دبرت امرأة من قريش خادما لها ثم أرادت أن تكاتبه قال فكنت الرسول إلى أبي هريرة فقال كاتبيه فإن أدى كتابته فذاك وان حدث بك حدث عتق قال وأراه قال على ما كان عليه له ولان التدبير إن كان عتقا بصفة لم يمنع الكتابة كالذي علق عتقه بدخول الدار وإن كان وصية لم يمنعها كما لو وصى بعتقه ثم كاتبه ولان التدبير والكتابة سببان للعتق فلم يمنع أحدهما الآخر كتدبير المكاتب، وذكر القاضي أن التدبير يبطل بالكتابة إذا قلنا هو وصية كما لو وصى به لرجل ثم كاتبه وهذا يخالف ظاهر كلام احمد وهو غير صحيح في نفسه ويفارق التدبير الوصية به لرجل، لأن مقصود الكتابة والتدبير لا يتنافيان إذا كان المقصود منهما جميعا العتق فإذا اجتمعا كان آكد لحصوله فإنه إذا فات عتقه من أحدهما حصل بالآخر وأيهما وجد قبل صاحبه حصل العتق به ومقصود الوصية به والكتابة يتنافيان، لأن الكتابة تراد للعتق والوصية تراد لحصول الملك فيه للموصى له ولا يجتمعان إذا ثبت هذا فإنه ان أدى في حياة السيد صار حرا بالكتابة وبطل التدبير وإن مات السيد قبل الأداء عتق بالتدبير ان خرج من الثلث وبطلت الكتابة وان لم يخرج من الثلث عتق منه بقدر الثلث وسقط من الكتابة بقدر ما عتق وكان على الكتابة فيما بقي، فإن أدى البعض ثم مات سيده عتق كله وسقط باقي الكتابة ان خرج من الثلث، وان لم يخرج من الثلث عتق منه بقدر الثلث وسقط مما بقي من الكتابة بقدر ثلث المال وأدى ما بقي.