وإذا وجد كلا الطلبين وصح الاشهاد على الوجه الذي ذكرنا، فبعد ذلك له أن يشتغل بالمرافعة إلى باب القاضي والخصومة، لاخذ الدار بالشفعة.
فإن كان المبيع في يد البائع: فالقاضي يحضر البائع والمشتري جميعا، ولا يقضي له بالشفعة حتى يحضرا، لكونهما خصمين: أحدهما بيده، والآخر بملكه، لان القضاء لا يجوز بدون حضرة الخصم.
وإن كان المبيع في يد المشتري: فالقاضي يحضره لا غير، ويقضي عليه، لان البائع خرج من أن يكون خصما لزوال يده.
فإذا قضى القاضي بالشفعة، والدار في يد البائع: انتقض البيع الذي بينه وبين المشتري، وينعقد البيع بينهما في المشهور من الرواية، وينتقل الصفقة إليه.
وروي عن أبي يوسف أن البيع لا ينتقض.
فعلى الرواية المشهورة: يسلم الشفيع الثمن إلى البائع، ويكون عهدة الشفيع على البائع، وهي الرجوع بالثمن عند الاستحقاق ويرجع المشتري على البائع بالثمن إن نقده.
ثم الشفيع يأخذ الدار بالثمن الذي وقع عليه البيع، من الدراهم والدنانير والمكيل والموزون في الذمة، لان تلك الصفقة انتقلت إليه. وإن كان الثمن من العروض فيأخذ بقيمته.
ثم القاضي يقضي بالشفعة سواء أحضر الشفيع الثمن أو لا، في المشهور من الرواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، ويأمر الشفيع بتسليم الثمن إليه للحال، فإن لم يسلم: يحبسه، ولا ينقض الاخذ بالشفعة - لأنه بمنزلة الشراء، فإن طلب منه: حتى يذهب ويحضر الثمن - فالقاضي لا يحبسه، لأنه لم يوجد منه المطل. وإن طلب الأجل يوما أو