اهتمت وعرفت بعد عميدها وجدها الأول السيد أمير علي الطباطبائي الحكيم، بسدانة الروضة الحيدرية المطهرة، بخلاف الأسر العلمية السابقة، التي اهتمت بالدراسات العلمية الدينية، ولعل بداية هذا الاهتمام العلمي الواضح في هذه الأسرة الشريفة، هو تصدي عميدها المجتهد الكبير المقدس العارف السيد مهدي الطباطبائي الحكيم والد سيدنا الإمام الحكيم قدس سرهما، حيث يمكن أن يكون لأخواله الأفاضل من آل الأعسم، ومصاهرته للشيخ جعفر الكاظمي أثر مهم في هذا التوجه (1).
لقد ولد الإمام الحكيم في شوال عام 1306 ه، ولكنه بدأ حياته حيث فارقه والده وهو في السنتين الأوليين من عمره، وتوفي عنه والده في بلاد الهجرة جبل عامل سنة 1312 ه، وعمره ست سنوات، وتركه مع والدته وأخيه الأكبر آية الله السيد محمود الحكيم قدس سره، الذي كان يكبره بعشر سنوات، لتتولى الأم والأخ الكبير تربيته ورعايته، في ظروف عائلية ومعاشية صعبة، ولذا بدأ حياته انسانا مجاهدا لنفسه وفي مجتمعه، وكان عليه أن يختار منهجه ويشق طريقه معتمدا على الله تعالى، وعلى النفس، والإرادة، وحسن الاختيار.
ويبدو أن الأجواء الروحية والمعنوية التي خلفها والده وراءه، وكذلك أصحابه (2)، كان لهم دور في هذه الرؤية، والتصميم، والاختيار، إذا لاحظنا بدقة طبيعة المنهج العلمي والسلوك الأخلاقي والعلاقات الاجتماعية التي كانت تحيط الإمام الحكيم قدس سره في بداية شبابه.
لقد كان لليتم، والفقر، والمعرفة الأخلاقية، أثرها العميق في شخصية الإمام الحكيم طيلة حياته، من التوكل على الله تعالى، والثقة بالنفس، والاعتماد