يعتمد على الضوابط والأصول المقررة من جانب، والفقاهة في فهم النص، وظروفه، وما يسميه بالارتكاز العرفي، والذوق العام، والعمل على ايجاد الموازنة بينها، وتفسير أحدها بالآخر.
وهذا العمل في الحقيقة يمثل محاولة للجمع بين مدرستين مهمتين في الفقه، خصوصا بعد أن تطور علم الأصول، ووضعت فيه المصطلحات الفلسفية والكلامية، وغرق في بحر الفرضيات والاحتمالات والجزئيات، بحيث ألقى بضلاله الثقيلة على الفقه، وفهم النصوص والظواهر، وعملية التجريد للنص.
الثانية: القيام بعملية الاستنباط من موقع الممارسة الفعلية والمعايشة الحقيقية للمشاكل والحوادث والوقائع. سواء في دور البناء العلمي قبل المرجعية، أم في دور المرجعية العامة.
حيث إن الإمام الحكيم - كما ذكرنا في سيرته الذاتية - لم يكن مرجعا عاما فحسب، وجدت له هذه المعايشة العامة من خلال المرجعية، بل كان يعيش علاقات اجتماعية واسعة قبل مرجعيته شخصيا، إلى جانب عمله العلمي في الدور الأول من حياته، وشاهد ظروف سياسية مختلفة، ومر بأدوار عديدة، واصطحب بشكل مباشر مستويات من الناس متفاوتة في وضعها الاجتماعي، والثقافي، ومحيطها الحياتي من الفلاحين، والعمال، والتجار، والجنود، والطلبة، والعلماء، وأصحاب البيوتات من المدن، وأبناء العشائر والقبائل في الريف، ومن العراقيين، واللبنانيين، والإيرانيين... وقام بعدة أسفار إلى لبنان، وفي داخل العراق.
إن هذا المستوى الواسع من المعاشرة الميدانية للحياة إلى جانب المستوى العلمي المتميز تجعل الفقيه ينظر إلى الحوادث والمشاكل من بعدين مترابطين:
أحدهما: البعد العلمي الذي يستوحيه من الأدلة الشرعية والنصوص الشريفة.