موكله، ولا يرجع الوكيل على موكله، إلا بما غرمه وصالح عليه فحسب، فأما إذا كان زائدا على مقدار الدين، فلا يلزمه بغير خلاف، وإن كان على مذهبنا، المال قد انتقل بالضمان من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن، فهو المطالب به بسبب المضمون عنه، فما أدى عنه رجع عليه به.
وأما إذا ضمن بغير إذنه، وأدى بإذنه وأمره، فإنه لا يرجع عليه به، لأنه التزم وضمن بغير أمر منه متبرعا، فانتقل المال إلى ذمته، فلا تأثير لإذنه في القضاء عنه. لأن (1) قضاءه بعد الضمان إنما هو عن نفسه، لا عن غيره، لأنه واجب عليه دونه.
فأما بيان الحقوق التي يصح فيها الضمان، ولا يصح، فجملة الأمر، وعقد الباب، إن كل حق لازم ثابت في الذمة، سواء كان مستقرا أو غير مستقر، فإنه يصح ضمانه، وما لم يكن ثابتا في الذمة، لا يصح ضمانه، فعلى هذا التحرير، نفقة الزوجات إن كانت ماضية، صح ضمانها، لأنها ثابتة لازمة في الذمة، وإن كانت نفقة اليوم، صح أيضا، لأنها تجب بأول اليوم، وإن كانت نفقة مستقبلة (2) لم يصح ضمانها، لأنها غير ثابتة في الذمة، لأن النفقة تجب عندنا بالتمكين من الاستمتاع، لا بمجرد العقد، وإذا لم تجب النفقة بعد، فلا يصح الضمان، وفي الموضع الذي يصح ضمانها، فلا يصح، إلا أن تكون معلومة، لأن ضمان المجهول على الصحيح من المذهب، وعند المحصلين من الأصحاب، لا يصح.
وإلى هذا القول، ذهب شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه وفي مبسوطه فإنه قال: لا يصح ضمان المجهول، سواء كان واجبا في حال الضمان، أو غير واجب، ولا يصح ضمان ما لم يجب، سواء كان معلوما أو مجهولا (3).
فالمجهول الذي ليس بواجب، مثل أن يقول: ضمنت لك ما تعامل فلانا، أو ما تقرضه، وتداينه، فهذا لا يصح، لأنه مجهول ولأنه غير واجب، في الحال،