يكون قد اشتراه بالدراهم والدنانير، وباعه إياه في الحال بشئ من العروض، والمتاع، أو الغلات، أو الرقيق، والحيوان، لم يكن بذلك بأس، وإن كان لو قوم ما يعطيه في الحال، زاد على ما كان أعطاه إياه، هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر في نهايته (1).
وقال غيره من أصحابنا: يجوز أن يبيعه من الذي هو عليه، إذا حضر الأجل وحل، بمثل ما باعه إياه (2)، وأكثر منه، وأقل، إذا عين الثمن وقبضه قبل (3) التفرق من المجلس، لئلا يصير بيع دين بدين، سواء كان من حنس الثمن الأول، أو من غير جنسه.
وهذا هو الصحيح من الأقوال، والذي تقتضيه أصول المذهب، لأنه باع حنطة مثلا، أو شعيرا أو ثيابا، أو حيوانا بدراهم، أو دنانير، ولم يبع دنانير بدنانير، بأزيد منها وأكثر، لأنه بلا خلاف بيننا، ما يستحق في ذمة المسلم إليه، إلا المسلم فيه، دون الدنانير التي هي الأثمان، فما يبيعه إلا المسلم فيه، دون الثمن الأول، لأن الثمن الأول ما يستحقه، بل الذي يستحقه هو السلعة المسلم فيها، بغير خلاف، فإذا كان كذلك فله أن يبيعها بما شاء من الأثمان، ويلزم من ذهب إلى القول الأول من أصحابنا، أنه ما يستحق عليه إلا الثمن، دون المثمن، فيعقد معه، ويبيعه ذهبا بذهب، ولا خلاف أنه لا يستحق عليه ذهبا.
وأيضا فإنه يهرب من الربا، والربا يكون في الجنس الواحد، بعضه ببعض، وزيادة وهذا بيع جنس بغيره، وهذا ليس هو ربا.
وأيضا فإن الله تعالى قال: " وأحل الله البيع وحرم الربوا " وهذا بيع بلا خلاف، فمن أبطله، يحتاج إلى دليل. وما اخترناه مذهب شيخنا المفيد في مقنعته (4) وأيضا فلا يرجع في فساد هذا البيع إلى أخبار آحاد، لا توجب علما ولا