يجوز الأعلى من هو عليه، وشرحناه وأوضحناه في باب الديون، بما لا طائل في إعادته.
ولا بأس أن يبتاع الإنسان ما اكتاله غيره من الناس، ويصدقه في قوله، لأن الأخبار من البايع بالوزن أو الكيل، يقوم مقام الوزن والكيل، في ارتفاع الجهالة بالمكيل والموزون، ويكون القول في ذلك قول المشتري، لأنه جعله أمينه في كيله ووزنه، فأما إذا كاله بحضوره، ووزنه بحضوره، ثم انفصلا، ثم ادعى بعد ذلك المشتري نقصانا، فالقول قول البايع مع يمينه، بخلاف الأول، وقد روي أنه إذا أخذه بقول البايع ثم أراد بيعه، لم يبعه إلا بالكيل (1).
ولو قلنا إنه إذا أخبره بما أخبر به البايع الأول، لم يكن به بأس، وجاز البيع، ويكون القول قول المشتري في ذلك، مثل المسألة الأولى، لأن الغرر والجهالة، قد زالت بإخباره عن خبر البايع بكيله أو وزنه.
وكل ما بكال أو يوزن، فلا يجوز بيعه جزافا، وكذلك حكم ما يباع عددا فلا يجوز بيعه جزافا.
وإذا اشترى الإنسان شيئا بالكيل أو الوزن، وغيره، فزاد، أو نقص منه شئ يسير، لا يكون مثله غلطا، ولا تعديا، لم يكن به بأس، فإن زاد ذلك أو نقص شيئا كثيرا، ولا يكون مثله إلا غلطا أو تعمدا أو تعديا، وجب عليه رده على صاحبه ما زاد، وكان فيما نقص بالخيار في محاكمة خصمه، إن شاء طالبه به، وإن شاء ترك محاكمته.
ومن أسلم في متاع موصوف، ثم أخذ دون ما وصف برضى منه، كان ذلك جائزا، وكذلك إن أعطى فوق ما وصف، برضى من الذي باعه، لم يكن به بأس، فإن طلب البايع على الجودة عوضا، لا يجوز له أخذه، لأن الجودة صفة لا يجوز إفرادها بالبيع.