التفاضل في المعدود، وإن كان الجنس واحدا يدا بيد ويكره ذلك نسيئة وزاد على قولنا، أنه لا كراهة في النسيئة، وهو الذي يقوى عندي، لأن الكراهة تحتاج إلى دليل، قال رحمه الله في مسائل الخلاف: مسألة، لا ربا في المعدودات، ويجوز بيع بعضه ببعض متماثلا، متفاضلا، نقدا ونسيئة، وللشافعي فيه قولان، ثم قال رحمه الله: دليلنا الآية، وأيضا الأصل الإباحة، والمنع يحتاج إلى دليل، وأيضا عليه إجماع الفرقة، وأخبارهم تدل على ذلك، هذا آخر كلام شيخنا في مسائل خلافه (1).
وهو الحق اليقين، فقد رجع عما ذكره في نهايته، واستدل بالآية وإجماع الفرقة وبأخبارهم، فليت شعري، والذي ذكره في نهايته من أين قاله، وكيف جاز له أن يرجع عنه، لو كان عنده حجة، وإنما أورده من طريق خبر الآحاد، التي لا توجب علما ولا عملا، فلو كان الرجل عاملا بأخبار الآحاد، لما جاز له أن يرجع عن ذلك، فلا يتوهم على شيخنا خلاف ما يعتقده، وإن وجد له في بعض كتبه كلام، يدل على أنه يعمل بأخبار الآحاد، فقد يوجد له في معظم كتبه، وتصنيفه، كلام يدل على أنه غير عامل بأخبار الآحاد ويوجد ذلك في استبصاره كثيرا، فإنه يقول: هذا خبر واحد وأخبار الآحاد عندنا غير معمول عليها، فلو كان عاملا بأخبار الآحاد، لما ساغ له يقول ذلك كذلك، لأنه يكون مناقضا في أقواله، مضادا لأفعاله.
وإذا كان الشئ يباع في مصر من الأمصار، كيلا أو وزنا، ويباع في مصر آخر جزافا، فحكمه حكم المكيل والموزون، إذا تساوت الأحوال في ذلك، وإذا اختلفت، كان الحكم فيه حكم الأغلب والأعم.
الماء لا ربا فيه، لأنه ليس بمكيل ولا موزون، فيدخل تحت الأخبار،