منه بيمين واحدة عن الكل لكلنا، قال قوم: يستحلفه، لأنه لما صح أن يثبت الحقوق عليه بالبينة الواحدة، صح أن يسقط الدعوى باليمين الواحدة، وقال آخرون: لا يجوز أن يقتصر الحاكم منه على يمين واحدة، والأول هو الصحيح، لأن اليمين حق لهم، فإذا رضوا بيمين واحدة، فينبغي أن يكتفي بها.
إذا استعدى رجل عند الحاكم على رجل، فإن كان حاضرا، أعدى عليه، وأحضره، سواء علم بينهما معاملة، أو لم يعلم، وليس في ذلك ابتذال لأهل الصيانات والمروات، فإن عليا عليه السلام، حضر مع يهودي عند شريح، وحضر عمر مع أبي عند زيد بن ثابت، ليحكم بينهما في داره، وحج أبو جعفر المنصور ثاني الخلفاء من العباسيين، فحضر مع جمالين مجلس الحكم، عند حاكمه لخلف جرى بينهم.
فإذا ثبت هذا، فمتى (1) حضر، قيل له. ادع الآن، فإذا ادعى عليه، لم يسمع الدعوى إلا محررة، فأما إن قال: لي عنده ثوب، أو فرس، أو حق، لم يسمع دعواه، لأن دعواه لها جواب، فربما كان بنعم، فلا يمكن الحاكم أن يقضي به عليه، لأنه مجهول، قالوا: أليس الإقرار بالمجهول يصح، فهلا قلتم إن الدعوى المجهولة تصح، قلنا: الفصل بينهما، أنه إذا أقر بمجهول، لو كلفناه تحرير الإقرار ربما رجع عن إقراره، فلهذا ألزمنا المجهول به، وليس كذلك مسألتنا، لأنه إذا ردت الدعوى عليه، ليحررها، لم يرجع، فلهذا لم تسمع إلا معلومة.
هذا كله ما لم تكن وصية، فإن كانت الدعوى وصية، سمع الدعوى فيها، وإن كانت مجهولة، والفصل بينهما وبين سائر الحقوق، إن تمليك المجهول بها يصح، فصح أن يدعي مجهولة، وليس كذلك غيرها، لأن تمليك المجهول به لا يصح، فلهذا لم تقبل الدعوى به إلا معلومة.
فإذا ثبت ذلك، فإن حرر الدعوى، فلا كلام، وإن لم يحررها، ولم يحسن