لأن كل مقتول ميت، وليس كل ميت مقتولا، فكان الزائد أولى، ويعتق العبد، وعندنا يستعمل فيه القرعة، فمن خرج اسمه، حكم ببينته (1).
قال محمد بن إدريس: والأظهر الذي يقتضيه أصول مذهبنا، أنه ينعتق العبد، لأن هذا ليس بأمر مشكل، لأنه بينة العبد شهدت بأمر زائد، قد يخفى على بينة الوارث وهكذا قال رحمه الله في مبسوطه، في رجل قال لعبد له: إن مت في رمضان، فأنت حر، وقال لعبد له آخر: إن مت في شوال، فأنت حر، فمات السيد، واختلف العبدان، فأقام كل واحد منهما البينة على ما ادعاه (2).
قال محمد بن إدريس: الصحيح أنه تقبل بينة رمضان، لأن معها زيادة، وهو أن يخفى على بينة شوال، موته في رمضان، ولا يخفى على بينة رمضان موته في شوال، فكان صاحب رمضان أولى، وليس هذا من الأمور المشكلة بقبيل.
وقد بينا في كتاب الشهادات، ما يقبل فيه شهادة الصبيان، وينبغي أن يفرق بينهم في الشهادة، ويؤخذ بأول قولهم، ولا يؤخذ بثانيه، ومتى اختلفوا لم يرجع إلى شئ من أقوالهم، ولا يعتد أيضا بشئ من أقوالهم التي يرجعون إليها، من الأقوال الأولة.
وإذا بحث الحاكم عن عدالة الشاهد، فإن الجرح يقدم على التزكية، ولا يقبل الجرح إلا مفسرا وتقبل التزكية من غير تفسير، وقال قوم: يقبل الأمران معا مطلقا.
والصحيح الأول، لأن الناس يختلفون فيما هو جرح، وما ليس بجرح، فإن أصحاب الشافعي لا يفسقون من شرب النبيذ، ومالك يفسقه، ومن نكح المتعة في الناس من فسقه، وعندنا أن ذلك لا يوجب التفسيق، بل هو مباح طلق، وربما كان مستحبا، فإذا كان كذلك لم يقبل الجرح إلا مفسرا، لئلا يجرحه بما هو جرح عنده، وليس بجرح عند الحاكم، ويفارق الجرح التزكية، لأن التزكية إقرار صفة على الأصل، فلهذا قبلت من غير تفسير، والجرح أخبار عما حدث (3) من