في مجلس واحد وحالة واحدة من دون تخلل المراجعة، لا يقع منه إلا واحدة، ومن طلق امرأته تطليقة واحدة وكانت مدخولا بها، كان له مراجعتها بغير خلاف بين المسلمين.
وقد روي أن ابن عباس وطاووسا يذهبان إلى ما يقوله الشيعة (1)، وحكى الطحاوي في كتاب الاختلاف أن الحجاج بن أرطأة كان يقول: ليس الطلاق الثلاث بشئ، وحكى في هذا الكتاب عن محمد بن إسحاق، أن الطلاق الثلاث يرد إلى واحدة، ودليل الشيعة على ما ذهبت إليه بعد إجماع أهل البيت عليهم السلام، فإن فيه الحجة من وجوه يطول شرحها لا يحتمل هذا الموضع ذكرها، لأنه يوحش المبتدئ لسماعه، ولقول الرسول عليه السلام المتفق عليه: " خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا " (1) فقرن عليه السلام العترة إلى الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وجعل حكمها حكمه، وقال عليه السلام: " مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من أتاها نجا، ومن تخلف عنها هلك " (3) مطابقا لقول الله سبحانه:
" فأنجيناه وأصحاب السفينة " (4) إن دلوا (5) على أن المشروع في الطلاق إيقاعه متفرقا.
وقد وافقهم مالك وأبو حنيفة على أن الطلاق الثلاث في الحال الواحدة محرم مخالف للسنة، إلا أنهما يذهبان مع ذلك إلى وقوعه.