ومن قول عمر بن الخطاب.
أما كتاب الله فقد تقرر أنه نزل بلسان العرب، وعلى مذاهبها في الكلام، قال الله جلت عظمته: " قرآنا عربيا غير ذي عوج " (1) وقال تعالى: " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم " (2) ثم قال سبحانه في آية الطلاق:
" الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " (3) فكانت الثالثة في قوله عز وجل: " أو تسريح بإحسان " على قول ابن عباس، أو في قوله تعالى: " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره " (4) فوجدنا المطلق إذا قال لامرأته: أنت طالق، أتى بلفظ واحد يتضمن تطليقة واحدة، وإذا قال لها عقيب هذا اللفظ: ثلاثا، لم يخل من أن تكون أشار به إلى طلاق وقع فيما سلف ثلاث مرات، أو إلى طلاق يكون في المستقبل ثلاثا، أو إلى الحال، فإن كان أخبر عن الماضي، فلم يقع الطلاق إذن باللفظ الذي أورده في الحال، وإنما أخبر عن أمر كان، وإن كان أخبر عن المستقبل فيجب أن لا يقع بها طلاق حتى يأتي الوقت، ثم يطلقها ثلاثا على مفهوم اللفظ والكلام، وليس هذان القسمان مما جرى الحكم عليهما، ولا تضمنهما المقال، فلم يبق إلا أنه أخبر عن الحال وذلك كذب ولغو بلا إشكال، لأن الواحدة لا تكون أبدا ثلاثا، فلأجل ذلك حكمنا عليه بتطليقة واحدة، من حيث تضمنه اللفظ الذي أورده، وأسقطنا ما لغى فيه، واطرحناه إذا كان على مفهوم اللغة التي نطق بها القرآن فاسدا وكان مضادا لأحكام الكتاب وأما السنة فإن النبي صلى الله عليه وآله قال: " كل ما لم يكن على أمرنا هذا فهو رد " (5) وقال عليه السلام: " ما وافق الكتاب فخذوه وما خالفه فاطرحوه " (6) وقد بينا أن المرة لا تكون مرتين، وأن الواحدة لا تكون ثلاثا،