يملكه، فأما من يحييه بغير إذنه، فإنه لا يملك به، حسب ما قدمناه.
وأما ما به يكون الإحياء، فلم يرد الشرع ببيان ما يكون إحياء دون ما لا يكون، غير أنه إذا قال النبي عليه السلام: من أحيا أرضا فهي له، ولم يوجد في اللغة معنى ذلك، فالمرجع فيه إلى العرف والعادة، فما عرفه الناس إحياء في العادة، كان إحياء وملك به الموات، كما أنه لما قال: البيعان بالخيار ما لم يفترقا، رجع في ذلك إلى العادة، هذا مذهبنا، فأما المخالف لنا فله تفاصيل في الإحياء، يطول شرحها.
فإذا أحياها وملكها (1)، فإنه يملك مرافقها التي لا صلاح للأرض إلا بها.
وإذا حفر بئرا أو شق نهرا، أو ساقية، فإنه يملك حريمها.
وجملته أن ما لا بد منه في استقاء الماء، ومطرح الطين، إذا نضب الماء، فكريت الساقية والنهر، ويكون ذلك على حسب الحاجة، قل أم كثر.
وأما إن أراد أن يحفر بئرا في داره، أو ملكه، وأراد جاره أن يحفر لنفسه بئرا بقرب تلك البئر، لم يمنع منه، بلا خلاف في جميع ذلك، وإن كان ينقص بذلك ماء البئر الأولى، لأن الناس مسلطون على أملاكهم، والفرق بين الملك والموات، أن الموات يملك بالإحياء، فمن سبق إلى حفر البئر، ملك حريمه، وصار أحق به، وليس كذلك في الملك، لأن ملك كل واحد منهما، ثابت مستقر، وللمالك أن يفعل في ملكه ما شاء، وكذلك إذا أحيا أرضا ليغرس فيها بجنب أرض فيها غراس لغيره، بحيث يلتف أغصان الغراسين، وبحيث تلتقي عروقهما (2)، كان للأول منعه، لما ذكرناه.
وإن حفر رجل بئرا في داره، وأراد جاره أن يحفر بالوعة، أو بئر كنيف، بقرب هذه البئر، لم يمنع منه، وإن أدى ذلك إلى تغير ماء البئر، لا، مسلط على