فالأولى أن يقال لا بأس بذلك، فإن قيل: هذا غرر، قلنا الشئ المنظم إلى العقد، يخرجه من كونه غررا.
والذي اعتمده، وأعمل عليه وأفتي به، أنه لا يصح بيعها قبل أن تطلع ومعها شئ آخر، لأن البيع حكم شرعي، يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي، ولا دليل على ذلك، ولولا الإجماع المنعقد على صحة بيعها إذا أطلعت سنتين، لما جاز ذلك، وإلحاق غيره به قياس، لا نقوله به، ولو ساغ ذلك، لساغ أن يباع ما تحمل الناقة معه شئ آخر.
فأما إذا كان البيع بعد بدو الصلاح، فإنه جائز على سائر الأحوال، وجميع الأقوال.
وبدو الصلاح يختلف بحسب اختلاف الثمار، فإن كانت ثمرة النخل وكانت مما تحمر، أو تسود، أو تصفر، فبدو الصلاح فيها ذلك، وإن كانت بخلاف ذلك، فحين يتموه فيها الماء الحلو، ويصفو لونها، ولا يعتبر التلون، والتموه، والحلاوة، عند أصحابنا، إلا في ثمرة النخل خاصة، وإن كانت الثمرة مما يتورد، فبدو صلاحها، أن ينتثر الورد وينعقد، وفي الكرم أن ينعقد الحصرم، وإن كانت غير ذلك، فحين يخلق ويشاهد.
وقال بعض المخالفين إن كان مثل القثا والخيار الذي لا يتغير طعمه، ولا لونه، فبدو صلاحه أن يتناهى عظم بعضه، وقد قلنا أن أصحابنا لم يعتبروا بدو الصلاح، إلا فيما اعتبروه من النخل، والكرم، وانتثار الورد في الذي يتورد.
ولا اعتبار بطلوع الثريا في بدو الصلاح، على ما روي في بعض الأخبار (1)، وهو قول بعض المخالفين.
وإن كان في بستان واحد ثمار مختلفة، وبدا صلاح بعضها، جاز بيع الجميع، سواء كان من جنسه، أو من غير جنسه.