ولا بأس للإنسان أن يأخذ الجعل على ما يجده من الآبق والضوال، واللقط، إذا جعل ذلك صاحبه، وسماه وقدره، كان له ما قدره، وبذله، وجعله، دون ما سواه، فإن جعل جعلا على رده، ولم يقدر الجعل بتقدير، وأطلق ذلك، عاد إطلاقه إلى عرف الشرع، وتقييده يحمل عليه، فإن كان عبدا أو بعيرا في المصر، كان جعله دينارا، يجعل صاحبه، وإطلاقه، وإن كان خارجا من المصر، فأربعة دنانير، قيمتها أربعون درهما فضة، وفيما عدا العبد والبعير، ليس فيه شئ موظف، ولا تقييد عرف الشرع يرجع في إطلاقه إليه، بل يرجع فيه إلى عرف العادة والزمان، حسب ما جرت في أمثاله، فيعطي واجده إياه، فإن لم يجعل صاحبه جعلا لمن رده، لا مطلقا ولا مقيدا فلا يستحق واجده على صاحبه شيئا، بحال من الأحوال ويجب عليه رده على صاحبه، من غير استحقاق لشئ، لقوله عليه السلام: المسلم يرد على المسلم (1)، ولقوله عليه السلام: لا يحل مال امرء مسلم إلا عن طيب نفس منه (2).
فلا يظن ظان، ويتوهم متوهم، أن من رد شيئا من الضوال والآبق واللقط، يستحق على صاحبه جعلا من غير أن يجعله له، فإن ذلك خطأ فاحش، وقول فظيع، لأنه لا دليل عليه من كتاب، ولا سنة مقطوع بها، ولا إجماع، فإنه كان يؤدي إلى أن البعير يساوي مثلا دينارا، فرده وأخذه (3) من خارج المصر، فإنه كان يستحق على صاحبه أربعة دنانير، يأخذها منه بغير اختياره، وهذا أمر لا يقوله محصل.
وشيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله قال في مبسوطه، في الجزء الثالث، في كتاب اللقطة، من جاء بضالة إنسان، أو بآبق، أو بلقطة، من غير جعل، ولم يشرط فيه، فإنه لا يستحق شيئا، سواء كان ضالة،، أو آبقا، أو لقطة، قليلا كان ثمنه، أو كثيرا، سواء كان معروفا برد الضوال، أو لم يكن، وسواء جاء به من