يرده كل واحد منهم بانفراده، وإنما جاء به جميعهم، فبجميعهم حصل المقصود، فلهم كلهم الأجرة، لأن السبب وجد من جميعهم، ولم يوجد من كل واحد على الانفراد.
الذمي إذا وجد لقطة في بلاد الإسلام، كان حكمه فيها حكم المسلمين سواء.
ومن وجد لقطة، فإذا عرفها سنة، فقد أتى بما عليه، وإن عرف ستة أشهر، ثم ترك التعريف، فهل يستأنف، أو يبني؟ قيل: فيه وجهان، أحدهما يستأنف، والآخر يبني عليها، وهو الأقوى، لأنه ليس في الخبر (1)، أكثر من أن يعرف سنة، ولم يقل متوالية ولا متواترة.
فإذا ثبت ذلك، فالكلام في ثلاثة أشياء، أحدها وقت التعريف، والثاني كيفية التعريف، والثالث زمان (2) التعريف.
فأما وقت التعريف، فإنه يعرف بالغداة، والعشي، وقت بروز الناس، ولا يعرف بالليل، ولا عند الظهيرة، والهاجرة التي يقيل فيها الناس.
فأما كيفية التعريف، فإنه يقول من ضاع له لقطة، أو يقول: من ضاع له دينار، أو درهم، أو يقول مبهما، ولا يفسره وهو الأحوط، لأنه ربما طرح عليه إنسان علامة.
فأما الزمان (3)، فإنه يعرف في الجماعات والجمعات، ويقف على أبواب الجوامع، ولا يعرفها داخلها، فإنه منهي عنه.
وأقل ما يعرف في الأسبوع، دفعة واحدة، ولا يجب عليه التعريف كل يوم، ولا كل ساعة، فإن كان ممن يعرف بنفسه، فعل، وإلا استعان بغيره، أو يستأجر من يعرف من ماله، ولا يرجع على صاحبها به، لأن التعريف واجب عليه.
وأخذ اللقطة عند أصحابنا على الجملة مكروه، لأنه قد روي في الأخبار أنه لا يأخذ الضالة إلا الضالون (4).