ظاهر قوله (عليه السلام) (سميت فيه كيلا) هو الثاني دون الأول، فإنه يحتاج إلى عناية زائدة.
مضافا إلى أن ظاهر قوله (من طعام سميت فيه كيلا) تنويع الطعام إلى نوعين، وهو بالإضافة إلى تقديره بمقدار خاص وعدمه واضح، وأما بالإضافة إلى كونه في العادة مكيلا وغير مكيل فلا، إذ الطعام بحسب العادة لا يكون إلا مكيلا، والظاهر من الطعام غير الزرع، فلا يقال إن منه ما هو مكيل وما هو غير مكيل، حيث إن الزرع يجوز بيعه من دون مراعاة الكيل والوزن.
نعم يمكن أن يقال: إن توصيف الطعام بالمكيل ليس لتنويعه، بل للإشارة إلى علة الحكم، وأنه لا يجوز بلا كيل، حيث إنه مكيل، ولعله (قدس سره) أشار إليه بالأمر بالتأمل.
وأما اشتمال الرواية (1) على خلاف المشهور - من حيث عدم تصديق البائع في اخباره بأن في العدل الغير المكال ما في العدل المكال - فأحسن ما أجيب عنه ما في الجواهر (2) من أن المسلم من لزوم التصديق ما إذا أخبر البائع عن الكيل، لا أنه بمقدار المكال حدسا - كما هو مورد الرواية -.
وأما ما في المتن من حملها على ما إذا باعه العدل الآخر - سواء زاد أو نقص عن العدل المكال - فخلاف الظاهر من قوله (فإن فيه مثل ما في الآخر الذي ابتعت) فتدبر.
نعم يمكن الاستدلال بذيل الرواية وأنه لا يصلح بيعه مجازفة، فإن ظاهره اعطاء الضابط وأن اعتبار الكيل والوزن لئلا يكون جزافا، فإذا كان بيع - ما لم يكله بعنوان مقدار خاص - مجازفة فبيع ما لم يعين له حدا أصلا أولى بأن يكون مجازفة.
إلا أن يقال: إن الجزاف تطبيق ما له حد خاص على شئ بدون ما يشخصه من آلات تعيين ذلك الحد خارجا بمجرد الحدس والبناء على أنه ذلك الحد، وأما ما لا حد له بحسب القرار المعاملي، بل بيع هذا الجنس المشاهد بكذا، فليس فيه تطبيق على أمر مفروض التقدير حتى يكون جزافا، كما يشهد له التأمل في معنى الجزاف.