ونحوه - وهو ما عن أبي جعفر (عليه السلام) (قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في أنف العبد أو ذكره أو شئ يحيط بقيمته أنه يؤدي إلى مولاه قيمة العبد ويأخذ العبد) (1) وأيده بقاعدة عدم الجمع بين العوض والمعوض.
ولا يخفى عليك أن القيمة المؤداة هنا ليست بعنوان تدارك ما فات بالجناية وعوضا عنه، وإلا لم يكن التدارك الواجب إلا بأداء ما به تفاوت الصحيح والمعيب، لا أداء تمام القيمة، بل أداء القيمة هنا بعنوان الدية، غاية الأمر أن دية المملوك لا تتجاوز قيمته شرعا.
ولا يخفى أيضا أن مقتضى خبر أبي مريم المتقدم أداء القيمة وأخذ العبد، فالمولى يستحق القيمة على الجاني، والجاني يستحق على المولى رقبة العبد، ولا معنى لأن يكون الاستحقاقان مستقلين غير مرتبطين، وإلا لجاز مطالبة الجاني برقبة العبد ولو مع اسقاط المولى لحقه، فإنه على الفرض حقان مستقلان، فسقوط أحدهما لا يلازم سقوط الآخر، ولا معنى أيضا لأن يكون أحد الاستحقاقين بدلا عن الآخر، بحيث تكون المقابلة بين نفس الاستحقاقين في مقام الجعل، فإن التقابل يحصل بنفس الجعل، ويتم أمر المعاوضة في مرحلة التشريع، فاسقاط أحدهما لا يوجب زوال المعاوضة وانعدام المقابلة.
وحينئذ للجاني مطالبة الرقبة ولو مع اسقاط المولى لحقه، مع أنه قطعا ليس كذلك، فلا بد من الالتزام بمقابلة الرقبة لقيمة العبد المجعولة دية، ولا يعقل أن تكون القيمة عوضا لما فات بالجناية ولرقبة العبد مستقلا، إذ يستحيل أن يكون الواحد عوضا عن اثنين - بما هما اثنان -، فإن الواحد لا يقوم مقام المتعدد - بما هو متعدد -، وإلا لزم إما وحدة المتعدد أو تعدد الواحد، وكلاهما خلف.
ولا يعقل أن تكون القيمة عوضا عنهما مجموعا، بأن يكون بوحدتهما طرفا للقيمة، وذلك لأن القيمة إن اعتبر لها العوضية فقط للمجموع - بحيث يقوم مقامه في صيرورتها طرفا لإضافة الملكية من دون العكس - فلازمه عدم إضافة رقبة العبد إلى