والعدة وكانت صفاته الكمالية أقوى وأكثر، لكونها من مراتب الوجودات فالوجود الواجبي الذي هو التام فوق التمام والقائم بنفسه المقوم لغيره ينطوي في جميع الوجودات، ويكون محيطا بالكل، ثم محبة الأولاد من التحقيق يرجع إلى هذا القسم، لأن الرجل إنما يحب ولده ويتحمل المشاق لأجله، وأن لم يصل منه إليه نفع وحظ، لعلمه بأنه خليفته في الوجود بعد عدمه، فكأن بقاءه نوع بقاء له، فلفرط حبه لبقاء نفسه يحب بقاء من هو قائم مقامه وبمنزلة جزء منه، لما عجز من الطمع في بقاء نفسه، ولعدم كون بقائه هو بقاؤه بعينه يكون بقاء نفسه أحب إليه من بقاء ولده لو كان طبعه باقيا على اعتداله، وكذلك حبه لأقاربه وعشيرته يرجع إلى حبه لكمال نفسه، فإنه يرى نفسه كبيرا قويا لأجلهم، متجملا بسببهم، إذ العشيرة كالجناح المكمل للانسان (13).
والثاني - حبه لغيره لأجل أنه يلتذ من لذة حيوانية كحب كل من الرجل والمرأة للآخر لأجل الجماع، وحب الإنسان المأكولات والملبوسات، والسبب الجامع في هذا القسم هو اللذة، وهو سريع الحصول وسريع، الزوال، وأضعف المراتب، لخساسة سببه وسرعة زواله.
الثالث - حبه للغير لأجل نفعه وإحسانه، فإن الإنسان عبد الإحسان، وقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها، ولذا قال رسول الله (ص): (اللهم لا تجعل لفاجر علي يدا فيحبه قلبي).
فالسبب الجامع في هذا القسم هو النفع والاحسان، وهذان القسمان عند التحقيق يرجعان إلى القسم الأول، لأن المحسن من أمد بالمال المعونة وسائر الأسباب الموصلة إلى دوام الوجود وكمال الوجود، وسبب اللذة باعث لحصول الحظوظ التي بها يتهيأ الوجود.
والفرق أن الأعضاء، والصحة، والعلم، والطعام، والشراب، والجماع: محبوبة لأن بها كمال وجوده وهي عين الكمال، وأما الطبيب