وفي فتح الباري: اختلفوا في تحديد مدة القرن من عشرة إلى مائة وعشرين لكن لم أر من صرح بالتسعين ولا بمائة وعشرة، وما عدا ذلك فقد قال به قائل. والأول من القولين الأخيرين أصح.
وقال ثعلب: هو الاختيار لقوله، صلى الله عليه وسلم لغلام بعد أن مسح رأسه: " عش قرنا "، فعاش مائة سنة.
وعبارة المصنف موهمة لأن أول الأقوال التي ذكرها هو أربعون سنة فتأمل. وبالأخير فسر حديث: إن الله يبعث على رأس كل قرن لهذه الأمة من يجدد أمر دينها، كما حققه الولي الحافظ السيوطي، رحمه الله تعالى.
وقيل: القرن: كل أمة هلكت فلم يبق منها أحد؛ وبه فسرت الآية المذكورة.
وقيل: الوقت من الزمان؛ عن ابن الأعرابي.
والقرن: الحبل المفتول من لحاء الشجر؛ عن أبي حنيفة.
وقال غيره: هو شئ من لحاء شجر يفتل منه حبل.
والقرن: الخصلة المفتولة من العهن؛ قيل: ومن الشعر أيضا؛ والجمع قرون.
والقرن: أصل (2) الرمل، وفي نسخة: أسفل الرمل وهو الصواب كقنعه.
والقرن: العفلة الصغيرة، هو كالنتوء في الرحم يكون في الناس والشاء والبقر؛ ومنه حديث علي، كرم الله تعالى وجهه: " إذا تزوج المرأة بها قرن، فإن شاء طلق، هو كالسن في فرج المرأة يمنع من الوطء.
والقرن: الجبل الصغير المنفرد؛ عن الأصمعي؛ أو قطعة تنفرد من الجبل، ج قرون وقران؛ قال أبو ذؤيب:
توقى بأطراف القران وطرفها * كطرف الحبارى أخطأتها الأجادل (3) و القرن: حد السيف والنصل كقرنتهما، بالضم، وكذلك قرنة السهم. وقيل: قرنتا النصل: ناحيتاه من عن يمينه وشماله، وجمع القرنة القرن.
والقرن: حلبة من عرق. يقال: حلبنا الفرس قرنا أو قرنين، أي عرقناه.
وقيل: هو الدفعة من العرق، والجمع قرون؛ قال زهير:
تضمر بالأصائل كل يوم * تسن على سنابكها القرون (4) وقال أبو عمرو: القرون: العرق.
قال الأزهري: كأنه جمع قرن.
والقرن من الناس: أهل زمان واحد؛ قال:
إذا ذهب القرن الذي أنت فيهم * وخلفت في قرن فأنت غريب (5) والقرن: أمة بعد أمة.
قال الأزهري (6): والذي يقع عندي، والله أعلم، أن القرن أهل مدة كان فيها نبي، أو كان فيها طبقة من أهل العلم، قلت السنون أو كثرت، بدليل الحديث: " خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، يعني الصحابة والتابعين وأتباعهم.