غيريا مقدميا بالمعنى المعروف بل هو إلزام شرطي وإرشادي بمعنى انه لو أراد المدعي اثبات ما يدعيه فطريق اثباته هذا لا غير وإن أراد المنكر اثبات ما يدعيه فطريق اثباته اليمين لا غير فيطلب منه اليمين من جهة كونها مثبتا لما يدعيه فلو كانت البينة أيضا مثبتة له لكان إلزامه بخصوص اليمين غير جائز بل لا بد حينئذ من إلزامه باحديهما تخييرا كما لا يخفى فتدل الرواية على أن أصل سماعها مختص بالمدعي فظهر مما ذكرنا فساد ما ذكره بعض المحققين من أن التفصيل قاطع للشركة من حيث اللزوم لا من حيث الجواز هذا مجمل القول بالنسبة إلى قوله (صلى الله عليه وآله) البينة على المدعي واليمين على من أنكر وكذلك الكلام بالنسبة إلى سائر ما ورد في هذا الباب فإنه أيضا ظاهر فيما ذكرنا كما لا يخفى لمن راجع إليه بل بعضه صريح فيما ذكرنا مثل خبر منصور عن الصادق (عليه السلام) قلت له رجل في يده شاة فجاء رجل فادعاها وأقام البينة العدول انها ولدت عنده لم يبع ولم يهب وجاء الذي في يده بالبينة مثلهم عدول انها ولدت عنده لم يبع ولم يهب قال أبو عبد الله (عليه السلام) حقا للمدعي ولا أقبل من الذي هي في يده بينة لان الله عز وجل أمر ان يطلب البينة من المدعي فإن كانت له بينة وإلا فيمين الذي هي في يده هكذا أمر الله عز وجل وصراحته فيما ذكر واضح وقد يستدل أيضا بما روي ما حاصله أنه قد أوحى إلى نبي من الأنبياء فاحكم بينهم بالحق وأضفهم إلى اسمى هذا لمن لم يكن له بينة الحديث هذا حاصل ما يذكر في الوجه الأول لكن فيه مضافا إلى ما سيجئ من عدم دلالة ما ذكر على ما ذكر أنه ليس دفعا للاشكال عمن يقول بسماع البينة من المنكر بل هو التزام بورود الاشكال عليه ثانيها القول بأن مدعي الاعسار مدع ليس منكرا حسبما حكاه الأستاذ دام ظله عن بعض المحققين في تعليقاته على الروضة فيكون سماع البينة منه على وفق الأصل والاكتفاء باليمين على خلافه ثابتا بالدليل من إجماع وغيره وهذا أيضا مثل سابقه فإنه أيضا لا يدفع الاشكال الوارد على الجماعة فإن الظاهر منهم حسبما عرفت كونه منكرا بل هو التزام بورود الاشكال عليهم ثالثها القول بكونه مدعيا ومنكرا نظرا إلى ما عرفت من اعتبار أمرين في مفهوم الاعسار الوجودي والعدمي فبالاعتبار الأول يكون مدعيا وبالاعتبار الثاني منكرا فيراعي في كل وظيفته بحسب الشرع وهذا الوجه أضعف الوجوه وأردئها كما لا يخفى رابعها وهو الذي ينبغي أن يعتمد عليه واختاره الأستاذ العلامة دام ظله العالي أيضا المنع من عدم سماع البينة من المنكر ودلالة ما ذكر من قوله البينة على المدعي الرواية وخبر منصور على المنع ممنوعة بل ظاهر الأدلة سماعها منه أما عدم دلالة قوله البينة على المدعي فلانه وإن كان ظاهرا في عدم سماع البينة من المنكر بحسب ما يترائى ويظهر منه في بادي النظر من جهة أحد الأسباب المذكورة من تعريف البينة واليمين والمدعي والمنكر وملاحظة التفصيل إلا أن المستفاد منه بالتأمل في خصوص المقام هو كون سماع اليمين من المنكر من جهة التخفيف بعدم إلزامه بإقامة البينة لا أنه إذا أقام البينة لا تسمع منه فيكون قوله اليمين على من أنكر بعد قوله البينة على المدعي الظاهر في التشديد نظير الامر الوارد عقيب الحظر أو الحظر الوارد في مقام توهم الوجوب فيكون ظاهرا في أنه يكتفى منه باليمين أيضا لا أنه لا تسمع منه إلا البينة كما في المدعي فيكون معنى قوله البينة على المدعي أي لا يسمع منه غيرها ومعنى قوله واليمين على من أنكر أي يكتفى منه بما لا يكتفى من المدعي وهو اليمين لا أنه لا يسمع منه ما يسمع من المدعي وهو البينة وهذه الاستفادة إنما هي من جهة شدة الامر في طرف البينة وسهولته في طرف اليمين فيكون اثباته بعدها كاشفا عن كونه من جهة الترخيص لا العزيمة.
وأما الدليل على كون اليمين مبنية على التخفيف فأمور أحدها ملاحظتها مع البينة مع قطع النظر عن