وقد أجاب الأستاذ العلامة دام ظله العالي عن هذا الاشكال بأنه لا شك ولا ريب في أنه يشترط في اجراء أصالة التأخر القطع بحدوث شئ والشك في زمانه فإن أريد الحادث في المقام الملك فالمفروض عدم القطع بثبوته لا واقعا ولا ظاهرا أما الأول فلانه المفروض وأما الثاني فلعدم ما يصلح له إلا البينة لقضية الفرض ومن المعلوم ضرورة ان البينة المثبتة للملك الظاهري إنما هي البينة الغير المعارضة بمثلها وإن أريد منه الشهادة فلا يعقل شك في زمانها لفرض العلم به وإن أريد منه مراد الشاهد من الزمان المجمل وإن الأصل عدم كون مراده إلا الزمان المتأخر ففيه بعد الغض عن عدم معقولية هذا المعنى انه إن أريد منه اثبات كون الزمان المتأخر هو زمان الحدوث وابتداء الشهادة كما هو المقصود فمعلوم انه لا يثبت من الأصل المذكور وإن أريد اثباته به لم يخل عن المعارضة كما لا يخفى وإن أريد منه كونه متيقن المراد للشاهد فلا يجدي للحكم بسلامة المتقدمة عن المعارض لتوقفه على اثبات كون التعارض بين بقائها وحدوث غيرها وهو لا يمكن اثباته في الفرض لاحتمال كون المراد من الزمان المجمل هو ابتداء زمان الشهادة المتقدمة هذا ملخص ما ذكره دام إفادته وعليك بإمعان النظر فيه وعدم المبادرة إلى رده مع مراعاة الانصاف ومتابعة الحق فإنه أحق ان يتبع.
ثانيهما ان مقتضى نفس إجمال المدة في المطلقة وبيانها في المؤرخة هو الحكم بوجوب الاخذ بالثانية بالنسبة إلى مقدار من الزمان يحتمل تأخر المدة المجملة عنها لعدم ثبوت المعارض لها بالنسبة إلى هذا المقدار فلا عذر لعدم الاخذ بها بالنسبة إلى هذا الزمان فيرجع إلى الاستصحاب بعد الحكم بتساقط البينتين بالنسبة إلى الزمان المتأخر مما يكون متبين (متيقن خ) المراد للبينة المطلقة.
وبعبارة أخرى القدر الذي يكون البينة المطلقة ناطقة بالنسبة إليه هو الملكية في الزمان المتأخر فيحكم بتعارضهما وتساقطهما بالنسبة إليه وأما الزايد عليه فهو وإن كان محتملا إلا أنه لا دلالة لكلام البينة عليه لفرض اجماله بالنسبة إليه ومن المعلوم عدم جواز رفع اليد عن أمر مبين بأمر مجمل فلا يجوز عدم تصديق البينة المؤرخة بالنسبة إلى الزمان السابق بواسطة البينة المطلقة فيبقى استصحاب الملكية السابقة الثابتة بالبينة المؤرخة سليما عن المعارض فيرجع إليه ويقضى به على تقدير القول بالقول بهذا القسم من الاستصحاب المنضم إلى البينة والحاصل ان مجرد احتمال كون المراد من التاريخ المجهول في البينة المطلقة هو أول تاريخ المؤرخة لا يصلح للحكم بالقائها بالنسبة إليه هذا.
وقد أجاب الأستاذ العلامة دام ظله عن هذا الاشكال أيضا بأنه كما أنه لا قطع بمعارضة المطلقة لأول تاريخ المؤرخة فتبقى بالنسبة إليه سليمة عن المعارضة فيقضى بها بضميمة الاستصحاب كذلك لا قطع بمعارضة المؤرخة لأول الزمان الواقعي للمطلقة إذ يحتمل كونه مقدما على المؤرخة فيحكم بعد تساقطهما في الحال باستصحاب مقتضاها من الزمان الواقعي الذي هو مبدء شهادتها فيتعارض الاستصحابان من الطرفين والمفروض انه لا مرجح في البين فيحكم بتساقطهما.
وبعبارة أخرى أوضح كما أنه يحتمل أن يكون البينة المطلقة مؤخرة عن المؤرخة فتكون معارضة مع بقائها فتبقى المؤرخة سليمة عن المعارض بالنسبة إلى جزء من الزمان كذلك يحتمل أن تكون مقدمة على المؤرخة فتكون المعارضة بينهما على العكس فيصير بالعكس أو مقارنة معها فتتساقطان عن رأس فكما انه يستصحب مقتضى البينة المؤرخة بالنسبة إلى جزء من الزمان الذي لم يثبت له معارض مع وجود ما يحتمل أن يكون معارضا معه كذلك يستصحب مقتضى البينة المطلقة بالنسبة إلى جزء من زمانها الواقعي لعدم ثبوت المعارض له بالنسبة