إنما يدل على كونه منكرا لا على كونه منكرا بالمعنى المذكور لم لا يكون دليلا على كونه منكرا بالمعنى الذي ذكره بعض حسبما سيأتي الإشارة إليه من أنه ما وافق قوله الظاهر فيكون ذو اليد مادة الافتراق بين - التعريفين فيه ما لا يخفى على المتأمل لأنا نقطع ان الكل متفقون على أن ذا اليد منكر فلا بد أن يكون معنى المنكر عندهم ما يشمله.
وبالجملة هناك موارد كثيرة اتفق الكل على كون المدعي بالمعنى الأعم فيها منكرا كذي اليد و مدعي الصحة وغيرهما فلا بد أن يكون معنى المنكر عندهم ما يتناوله قطعا والقول بأن بعضهم غفل عن ذلك فعرف المنكر بما لا يتناوله فالتعريف خاص فيقال ان معنى كون المنكر من وافق قوله الأصل هو الأصل العدم فلا يشمل ذا اليد ومدعى الصحة مما لا ينبغي ان يصغى إليه مع كثرة الموارد المتفقة عليها فمعنى موافقة الأصل هو موافقة القاعدة المعتبرة شرعا فعلا في المورد بمعنى انه لولا التداعي لعمل عليه سواء كان أصلا عدميا أو وجوديا أوليا أو ثانويا أو ظاهرا معتبرا شرعا لولا التداعي.
ومنه يظهر فساد ما أورده بعض المشايخ على هذا التعريف بأنه لا يشمل مدع الصحة لان قوله مخالف للأصل وهو أصالة الفساد في المعاملات مع أنه منكر قطعا وجه الفساد ان الأصل الذي يرجع إليه فعلا ليس هو أصالة الفساد لحكومة أصالة الصحة عليها قطعا كما لا يخفى ومنه يظهر أيضا فساد ما ذكره جمع من صور تعارض الأصول فإن أكثرها إن لم يكن كلها من قبيل الحاكم والمحكوم فراجع إليها.
ثم إنه لا يخفى عليك ان ما ذكرنا في معنى موافقة الأصل من أنه عبارة عن موافقة القاعدة المعتبرة فعلا في مورد الترافع قد يختلف بالنسبة إلى شخص واحد في كيفية التكلم فلو قال المدعى عليه بمئة دينار مثلا اني لست مشغول الذمة وليس على شئ فهو منكر لموافقة قوله أصالة البراءة ولو قال إني قد أديتها يصير مدعيا لأنه باقراره الضمني قد أحدث موضوعا للأصل الموافق لقول المطالب وهو أصالة البقاء وكذلك الودعي يكون منكرا ومدعيا لو قال بعد مطالبة الوديعة انه ليس علي شئ أو تلف ما أودع إلي وكذلك بالنسبة إلى ذي اليد فإنه لو لم يقر بأن ما في اليد كان للمدعي يكون منكرا ولو أقر له ثم ادعى ملكيته له وادعى المقر له انه ملكه يصير مدعيا لأنه باقراره قد ارتفع اعتبار يده في مقابل دعوى المقر له فالأصل الذي يرجع إليه فعلا هو أصالة البقاء الموافقة لقول المقر له فتأمل فيشمل تعريف المدعي بالمعنى المذكور من يريد اثبات الحق على الغير أو الخروج عن الحق الذي عليه للغير.
ثانيها ما ذكره أيضا بعض من أن المدعي من يخالف قوله الظاهر والمنكر من يوافق قوله الظاهر و إليه يرجع تعبيرهم عن المدعي بأنه من يدعي أمرا خفيا والمنكر في مقابله والمراد بالظاهر الذي اعتبر موافقته ومخالفته كما هو قضية صريح كلماتهم حسبما يظهر من الأمثلة التي ذكروها أرباب هذا القول أعم من أن يكون معتبرا شرعا أو غير معتبر شرعا وعلى الأول أعم من أن يكون من الأصول العدمية والوجودية أو من قبيل اليد إذ القول بكون المراد منه هو خصوص الأخير موجب لخروج أكثر الموارد الاتفاقية عنه.
ثم إن المراد من الظهور كما هو الظاهر ليس هو الظهور الشخصي الحاصل من عدالة المدعي أو وثاقته أو من امارة أخرى المختلفة بحسب المقامات والموارد الخاصة بل المراد منه هو الظهور النوعي هذا كله في بيان المراد من القولين وأما النسبة بينهما فعلى ما عليه الأكثر من اعتبار الأصول سواء كانت البراءة أو الاستصحاب أو غيرهما من باب الظن النوعي تكون عموما وخصوصا مطلقا إذ يصدق المعنى الثاني على كل