والنبي المختار (صلى الله عليه وآله) لأنه ليس مختصا بالمنع عن اخذ من يريد اخذ المال بل يشمل رفع يد الاخذ عن المال أيضا ولو سلم عدم شموله له موضوعا فلا ريب في شمول حكمه له.
ثانيهما ان من ادعى عينا في يد غيره مع انكاره كونها له فهل يجوز له انتزاعها منه أم لا ولا اشكال في أن المتعين على هذا الفرض رفع الامر إلى الحاكم لو أوجب الانتزاع من يده فتنة لكونه قضية نصبه نعم لا اشكال في جواز اخذه حقه بسرقة أو غيرها لكن اخذها منه علانية وجهارا وانتزاعها من يده مشروط بعدم إثارة الفتنة فتبين من جميع ما ذكرنا أن ما ذكره لا دخل له بالمقام حيث إن ما فرضه على ما ينادي به شرحه لقول المصنف فمن كانت دعواه عينا في يد انسان بقوله معترف بها أو معلوم حالها انما هو في العنوان الأول وما ذكره القوم انما هو في العنوان الثاني فما ذكره لا ورود له على أحد ولا ربط له بالمقام أصلا فان كلماتهم تنادي بأعلى صوت باختصاص ما ذكروه في الفرض الثاني هذا ملخص ما ذكره الأستاذ العلامة في الرد عليه.
وقد سبقه إلى ذلك الكلام ووافقه في الجملة بعض سادة الفحول فيما علقه على القواعد حيث قال بعد قول المصنف ما لم تثر فتنة ما هذا لفظه قيد بعدم إثارة الفتنة كما في الشرايع والدروس وقال في الارشاد مع انتفاء الضرر وقال في المجمع ما لم يحصل معه أمر غير مشروع كنقب داره والتصرف في ماله وضربه وشتمه ثم بعد ذلك جواز التصرف في ماله بغير اذنه مثل دخول داره بشرط عدم تضرره لهتك عرضه ونحن نقول الحق ما ذكره المصنف من عدم الفتنة والمراد بالفتنة الفتنة المؤدية إلى الجناية على النفوس أو الأطراف أو اتلاف الأموال.
وبالجملة ما يستلزم القاء العداوة بين القبايل لا ما يكون الفرد (الضرر خ) خاصا به بل شاملا له ولغيره إما ما استلزم تمزيق ثياب أو ضربا أو شتما أو كسر قفل أو باب أو نحو ذلك وان عظم ما لم يثر فتنة إما لعدم التأثير له أو لعلمه بان ذلك مما لا يثير في الواقع فإنه يجوز الانتزاع وان أدي إلى ذلك لأنه هو الذي ادخل ذلك على نفسه ولا فرق في ذلك بين ان يكون اذن له الحاكم أم لم يأذن ولا بين أن لا يكون رفعه إليه أو رفعه ثبت عنده أو لم يثبت انتهى كلامه.
وأنت خبير بان ما ذكره موافق لما ذكره شيخنا المتقدم ذكره من جواز انتزاع عين المال ما لم يثر فتنة عظيمة كتلف الأنفس والأموال الخطيرة وان اثار فتنة في الجملة وان خالفه في جعل المراد من الفتنة في كلام القوم هو ما ذكره فان ظاهر ما ذكره شيخنا المتقدم كما لا يخفى على من أعطيه حق النظر من جواز الانتزاع ولو في صورة إثارة الفتنة في الجملة ايراد على التقييد الذي ذكره القوم لا تفسير لما ذكروه فما ذكره السيد السند أفحش عما ذكره لأنه فاسد من جهتين.
وبالجملة لا ريب في أن المراد من الفتنة في كلامهم ليس هو خصوص الفتنة العظيمة مثل ما يوجب القاء العداوة بين القبايل بل يشمل أول مراتبها كالمضاربة ونحوها وأيضا لا ريب في أن كلامهم ليس في مقام بيان حكم مطلق من وجد ماله في يد غيره ولو كان غاصبا أو سارقا أو ناهبا حتى يرد عليهم بان التقييد بعدم إثارة مطلق الفتنة مما لا معنى له بل كلامهم في مقام بيان حكم مورد الترافع والتداعي وقد سبقهما فيما ذكراه من جعلهما كلام القوم مختصا بصورة معلومية المال أو اعتراف من في يده المال بعض شراح الارشاد حسبما حكاه الأستاذ العلامة عنه حيث علل جواز الانتزاع بأنه أمر بالمعروف والمالك أولي به هذا كله في بيان المراد مما ذكره القوم من حديث إثارة الفتنة.