بالنسبة إلى ما في الذمة لتنزيله عند العرف منزلة العين الخارجي لا معنى للحكم بعدم جريان القسمة فيه لأنه كلما يجري فيه الإشاعة يجري فيه القسمة أيضا ما لم يقم دليل من الخارج على خلافه والقول بأنه لا يجري فيه الشركة خلاف المصرح في كلماتهم ولأجل ما ذكر استشكل فيما ذكره المحقق الأردبيلي فيما حكي عنه بل مال إلى جريان القسمة فيه كما في العين الخارجي فما ذكروه من الحكم بعدم الجريان لا يمكن أن ينطبق على القواعد فلا بد أن يكون المستند فيه أمرا تعبديا قد خرجوا به عن مقتضى القاعدة وهو موجود في المقام لدلالة بعض الأخبار عليه ثم إن محل الاشكال إنما هو قبل الاستيفاء واما بعد الاستيفاء فهو خارج عنه كما لا يخفى.
قوله في أحكام الدعاوى وهي تستدعي بيان مقدمة ومقاصد أما المقدمة فتشتمل على فصلين الأول في المدعى آه أقول لما ذكر المصنف سابقا صورة مجلس الحكم وأشار إلى ما هو وظيفة الحاكم شرع في بيان أحكام الدعاوى على سبيل الضابطة ومن أحكامها أيضا حكم تعارضها كما لا يخفى ولهذا تعرض له المصنف في المقام وأما تعريف المدعي والمنكر فإنما هو من باب المناسبة لا التوقف حسبما يتوهم من حيث إن الدعوى إنما تقوم بهما فلا بد من ذكرهما كما أنه يناسب ذكرهما في ذلك المقام أيضا كما صنعه جماعة.
ثم إن هنا أمورا ينبغي التنبيه عليها قبل الشروع في المقصود أحدها ان وجه الاحتياج إلى بيان معنى المدعي والمنكر ظاهر بعد ذكرهما في الأخبار المستفيضة وتعلق الاحكام بهما في الشريعة على ما هو الوجه في الاحتياج إلى بيان معنى جميع الألفاظ فإن الفقيه من حيث هو فقيه لا غرض له في البحث عن معنى اللفظ إلا من حيث تعلق حكم شرعي به كما لا يخفى ثانيها ان ما ذكروه في معناهما مما سيجئ تفصيل القول فيه ليس مبنيا على ثبوت حقيقة شرعية أو متشرعية لهما كما لا يخفى على ذوي الأفهام المستقيمة بل إنما هو بيان للمراد منهما عند العرف وميزان لتميز المعنى العرفي لهما فما يستفاد من كلام بعض كالشيخ في المبسوط وغيره في غيره على ما هو ببالي من ثبوت المعنى الشرعي لهما حيث قال لغة كذا وشرعا كذا ليس محمولا على ظاهره بل المراد منه ما يجب حمل اللفظ الوارد في كلام الشارع عليه من حيث كونه معنا عرفيا كذا فتأمل كيف ولا يمكن أن يقول بهذه المقالة الفاسدة من هو دون الشيخ رحمه الله بمراتب فضلا عنه ثم إن اختلافهم في المقام ليس اختلافا في التعبير ونزاعا لفظيا بل اختلاف في المعنى وينفك المعاني بعضها عن بعض كما صرحوا به حسبما سيجئ تفصيل القول فيه.
ثالثها ان فيما لم يتميز المدعى عن المنكر فهل مقتضى الأصل الحكم بمقتضى البينة لو كانت لأحدهما نظرا إلى عموم ما دل على اعتبارها أو لكل منهما مع ترجيح إحدى البينتين على الأخرى ومع عدمه الرجوع القرعة في تشخيص المدعي من المنكر أو الحكم بإيقاف الدعوى وجهان لا وجه للثاني منهما قطعا كما لا يخفى ولم أر ذكره في كلام أحد أيضا وأما الوجه الأول فالمستفاد من كلام بعض مشايخنا الجزم به نظرا إلى ما عرفته من دعوى وجود العمومات لاعتبارها في كل مورد وذكر الأستاذ العلامة دام ظله العالي انه لو قلنا بأن الحجة المعتبرة في حق المنكر هي اليمين ليس إلا فلا أصل للحكم باعتبار اليمين أو البينة وأما لو قلنا بكون اليمين رخصة في حق المنكر من باب التخفيف حسبما بنينا عليه سابقا فلا إشكال في كون مقتضى الأصل الحكم بمقتضى البينة لو كانت لأحدهما وأما لو لم يكن لأحدهما البينة فإنه رضي أحدهما بحلف الآخر فيحكم بمقتضاه أيضا لأنه لا يخلو إما مدع أو منكر وعلى الثاني لا إشكال لأنه وظيفته وعلى الأول أيضا يصير وظيفته