ثانيها انها محمولة على الصحيح لكونه الأصل في فعل المسلم والفرق بينه والوجه السابق ظاهر وفيه ما لا يخفى على من له أدنى تأمل لان صحة بعض ما يعتبر في وقوع الشئ لا تقتضي انضمام سائر ما يعتبر فيه إليه لان الجزء في مرتبة جزئيته صحيح وإن لم ينضم إليه سائر الأجزاء والشرايط المعتبرة في وقوع الشئ فالقطع بصحته يجتمع مع القطع بعدم الانضمام فلا فايدة في أصالة الصحة بالنسبة إليه بل لا تجري أصلا فصحته في نفسه مع القطع بها لا تقتضي للحكم بوجود الشئ على ما هو عليه مع الشك في انضمام سائر الأجزاء واجراء أصالة الصحة في نفسه مع الشك في تحققه مما يضحك به الثكلى وهذا أمر واضح لا سترة فيه أصلا قد فصلنا القول فيه غير مرة في الأصول والفروع وبه أبطلنا ما ذهب إليه جماعة في الأصول من التمسك بأصالة الصحة في اثبات صحة العمل بعد الشك في مانعية الطارئ وما قال به جمع في الفروع من كفاية غسل المسلم للشئ المتنجس مع الشك في أن الواقع منه هو الغسل الشرعي أو غيره بأصالة الصحة في فعل المسلم وجه الأبطال في الأول ظاهر واما في الثاني فلان صحة ما وقع من المسلم في الخارج من الغسل لا تقتضي لوجود ما يعتبر في ارتفاع النجاسة من التعدد والعصر كما لا يخفى.
ومما ذكرنا كله يظهر فساد ما ذكره في المسالك حيث قال وقد يقال في الموضعين ان القبض إذا كان شرطا في صحة الهبة والرهن واطلاقهما محمول على الصحيح كغيرهما من العقود ثم قال وانما يتوجه التفصيل حيث يجعل القبض شرطا في اللزوم ليجعل اطلاقهما صحيحين أعم من المقبوض وغيره انتهى كلامه رفع مقامه.
وجه الفساد ان الحمل على الصحيح بل القطع بالصحة لا يقتضي سماع دعوى الهبة مثلا من دون ادعاء القبض لان صحة الهبة التي من فعل الواهب في نفسها لا تقتضي تحقق القبض كيف ولو اقتضى صحتها بالمعنى المذكور تحقق القبض لا بد من أن يحكم بان من ادعى اني وهبت مالي ولم اقبض فهو مدع لكونه مدعيا لفساد الهبة ومن يدعي خلافه فهو منكر لكونه مدعيا لصحة الهبة مع أن الخصم وغيره من الأصحاب قد صرحوا بكون الأول منكرا والثاني مدعيا ثم إن ما ذكره من توجه التفصيل على تقدير كون القبض شرطا في اللزوم لم تتحقق معناه لان المراد من اللزوم في الدعوى كونها بحيث تتوجه على المدعى عليه لا ما يلتزم عليه شئ فعلا وعلى تقديره أيضا يمكن ادعاء حصوله في المقام لان دعوى سبب الملك كدعوى الملكية عرفا فتأمل.
ومن هنا يظهر فساد ما ذكره في الدروس حيث قال وكل دعوى ملزمة معلومة فهي مسموعة فلا تسمع دعوى الهبة من دون الاقباض وكذا الراهن عند من شرطه فيهما وكذا البيع من دون قوله ويلزمك تسليمه إلى جواز الفسخ بخيار المجلس انتهى كلامه فان اشتراط دعوى لزوم التسليم مما لا دليل عليه أصلا كما لا يخفى هذا مع أنه ينافي في ما استقر عليه رأيه في الكتاب من عدم اشتراط دعوى عدم وجود المفسد في صحة دعوى البيع مع أن عدم اشتراط دعوى الأول أولي منها لان الفسخ على تقدير وجوده من قبيل الرافع والمفسد من قبيل الدافع هكذا ذكره الأستاذ العلامة ثم إن مفروض الكلام فيما ذكره انما هو إذا حصل الافتراق واحتمل الفسخ حين عدمه واما إذا كان المجلس باقيا ولم يتفرقا منه فنفس انكار المنكر للبيع فسخ له فتأمل.
ثالثها ما ذكره الأستاذ العلامة 1 من امكان ان يدعى عدم اشتراط دعوى حصول القبض في سماع دعوى الهبة ونحوها من حيث إن دعوى الهبة في العرف كدعوى البيع ليس المراد منه مجرد الايجاب الذي هو فعل الموجب بل المراد هو خروج المال عن ملك البايع والواهب كما يقال فلان باع ما له فإنه ليس المراد منه مجرد ايجاده سبب النقل وإن لم يحصل نقل وخروج المال عن ملكه بل المراد منه هو نقل ما له إلى غيره بحيث