ولكن للأحقر فيه نظر حيث إن فرعية ثبوت المحمول لثبوت الموضوع لا تقتضي ثبوت الموضوع بقول مطلق حتى يعرضه محمول اخر بل غاية ما هناك لقضية حكم العقل بالفرعية هو كشف وجود المحمول عن وجود الموضوع من حيث هو موضوع له واما كشفه عنه بقول مطلق فلا دليل عليه بل لا يعقل كما لا يخفى على المتأمل فنقول فيما نحن فيه أن غاية ما يقتضيه العقل المستقل هو كشف استحباب التبرع بالنيابة عن صحة النيابة في تلك الصورة اي صورة التبرع واما كشفه عن امضاء الشارع النيابة بقول مطلق حتى يصح الأجرة عليها فلا.
فان قلت كما أن ثبوت المحمول فرع ثبوت الموضوع من حيث كونه عارضا له كذلك ما هو قيد للمحمول ومتفرع عليه فرع ثبوت الموضوع لأنه متأخر عن وجود المحمول ولو بالطبع فكيف عن وجود الموضوع المتفرع عليه وجود المحمول فما يكون قيدا للمحمول لا يعقل ان يصير قيدا لوجود الموضوع فيعلم من ذلك أن التبرع الذي هو قيد للاستحباب لا يعقل ان يصير قيدا لصحة النيابة لما قد عرفت من قاعدة الفرعية.
قلت نمنع من كون التبرع قيدا للمحمول بل هو مجرد دعوى لا شاهد لها فلنا ان نعتبره قيدا للموضوع فنقول ان النيابة التبرعية مستحبة فتأمل.
فان قلت سلمنا الفرق بين اخذ الأجرة على النيابة في العبادات واخذها على الواجبات وعدم جواز التمسك بثبوته في النيابة على ثبوته في الواجبات لكن نقول إنه قد ثبت جواز اخذ الأجرة على الهدية في الصلاة ونحوها من العبادات فلو كان بين اخذ الأجرة على فعل العبادات والتقرب بها منافاة لما ثبت في الاهداء بالصلاة ونحوها على الميت.
قلت اخذ الأجرة على الاهداء بالصلاة مثلا لا يخلو إما ان يكون قبل العمل أو بعده فإن كان قبله فان قلنا بكون الاهداء كالنيابة معاملة مستقلة مع قطع النظر عن حكمه التكليفي فيأخذ الأجرة عليه الاهداء ويأتي بالعمل على قصد التقرب فلا ريب في ثبوت الفرق بينه وبين ما نحن فيه كالنيابة فلا يجوز القول باشتراكهما في الحكم المذكور وان قلنا بعدم كونه عنوانا مستقلا مع قطع النظر عن الفعل المهدى به كالواجبات التعبدية فلا نقول بجواز اخذ الأجرة عليه كالواجبات والمسألة ليست بمحل وفاق بينهم بل المخالف فيها جماعة من الاعلام من الأوائل والأواخر فلا نابي عن القول بعدم جواز اخذ الأجرة على الاهداء بالصلاة ونحوها نعم لو ثبت كونه مثل النيابة تعين المصير فيه إلى الجواز لكنه لم يثبت عندنا والله العالم هذا كله إذا أريد اخذ الأجرة على الاهداء قبل العمل.
واما إذا أريد بعده حسبما يظهر من الأخبار الواردة في باب صلاة الليل من أن بفعلها يثبت للفاعل ثواب يجوز ان يهدى به فان قلنا بان المعاملة بالثواب مع قطع النظر عن انضمام عمل إليه داخل في الصناعات الفقهية فلا ضير في الالتزام بجوازه والا كما لا يبعد القول به فلا فافهم وتأمل.
ثالثها أن لا يكون العمل الواجب حقا للغير على الأجير كأداء الشهادة مثلا لان المملوك لا يملك ثانيا وبعبارة أخرى لا بد ان يكون العمل مملوكا للأجير حتى يجوز اخذ الأجرة بإزائه فما يكون مملوكا ومستحقا عليه سواء كان من المستأجر أو غيره لا يجوز اخذ الأجرة عليه لأنه لا يمكنه في هذا الفرض ان يدفع شيئا بإزاء العوض فيكون اخذ العوض اكلا للمال بالباطل فبناء المسجد الذي صار واجبا على البناء من حيث اخذ الأجرة عليه من شخص لا يجوز له اخذ الأجرة عليه من شخص اخر لخروج زمام عمله عن يده من حيث كونه مملوكا للغير فلا يجوز اخذ الأجرة عليه.