ونحوه بل لا بد فيه من القول بالجواز وإن لم نقل به في المقام الأول لما دل على تسلط الشخص على ماله مثل قوله الناس مسلطون على أموالهم ولا يعارضه (ينافيه خ) ما دل من الاخبار على حجر الوارث من التصرف في التركة فيما إذا تعلق بها الدين لأن الظاهر منه كما سيجئ المنع من التصرف المستلزم لتفويت مالية التركة ولا ينافيه أيضا كلماتهم الظاهرة بالظهور الأولى (البدوي خ) في المنع من التصرف مطلقا لان المراد منها التصرف المستلزم لتفويت مالية التركة هكذا ذكره الأستاذ العلامة دام ظله.
فالأولى نقل كلمات بعضهم حتى يتبين صدق ما أدعاه الأستاذ العلامة وعدمه قال الشيخ في المبسوط إذا مات وخلف تركة وعليه دين انتقلت التركة إلى ورثته سواء كان الدين وفق التركة أو أكثر أو أقل منها وتعلق حق الغرماء بالتركة والدين باق في ذمة الميت وللوارث أن يقضي الدين من عين التركة ومن غيرها كما للراهن ذلك في الرهن.
وقال العلامة في باب الحجر من القواعد وديون المتوفى متعلقة بتركته وهل هو كتعلق الأرش برقبة الجاني أو كتعلق الدين بالرهن احتمال ويظهر الخلاف فيما لو أعتق الوارث أو باع نفذ على الأول دون الثاني.
وقال في محكي مفتاح الكرامة اني لم أجد قايلا من الأصحاب يقول بتعلق الدين بالتركة كتعلق أرش الجناية إلا واحدا انتهى والظاهر أن بناء الأكثر عن كون التعلق كتعلق الرهن.
وقال الأستاذ العلامة ان مرادهم من كون التعلق كتعلق الرهن هو المنع من التصرفات التي توجب تفويت مالية التركة كما يظهر من تفريع العلامة لا انه مثل تعلق الرهن حتى في عدم جواز التصرف أصلا حتى التصرف التبديلي فالتشبيه إنما هو في المنع من التصرف الذي يوجب تفويت المالية لا مطلقا والانصاف ان هذا التوجيه لا يتمشى في كلام الأكثرين منهم.
وقال في السرائر ان أصول مذهبنا تقتضي ان الورثة لا يستحقون شيئا من التركة دون قضاء جميع الديون ولا يسوغ ولا يحل لهم التصرف في التركة دون القضاء إذا كانت بقدر الدين وظاهر هذا الكلام بقرينة الاستثناء التعميم كما لا يخفى.
وقال في المسالك في باب القضاء بعد نقل القولين أي الانتقال وعدمه ما هذا لفظه وعلى القولين يمنع من التصرف فيها إلى أن يوفى الدين إجماعا وإنما يظهر الفائدة في مثل النماء إلى أن قال وفي صحة التصرف فيها بالبيع وإن كان التصرف مراعى انتهى.
والحاصل ان مقتضى الانصاف ان من قال من الأصحاب ان تعلق الدين بالتركة كتعلق الرهن أراد المنع من مطلق التصرف وإن لم يكن ذلك إجماعيا كما يعلم من التتبع في كلماتهم بل صرح جماعة بجواز التصرف بما يوجب توفيت مالية التركة فضلا عن غيره قال في جامع المقاصد بعدما اختار ان تعلق الدين بالتركة ليس كتعلق أرش الجناية ولا كتعلق الرهن بل هو تعلق ثالث ما هذا لفظه وعلى ما اخترنا من أنه تعلق برأسه يحتمل النفوذ تمسكا بأصالة الصحة أو أصالة عدم بلوغ الحجر إلى مرتبة لا يكون التصرف معتبرا ولان القول بالصحة جمع بين الحقين ويحتمل العدم لانتفاء فايدة التعلق بدونه ولاداء النفوذ إلى ضياع الدين وأيضا فإن أصل التعلق يقتضي ثبوت حق سلطنة للمدين ومع اجتماع الحقين لشخصين لا ينفذ تصرف أحدهما والكل ضعيف إلى أن قال فالتحقيق ان القول بالنفوذ أقوى انتهى كلامه.
وبالجملة لا إشكال في أن مقتضى عموم قوله الناس مسلطون على أموالهم جواز التصرف بما لا يوجب تفويت مالية التركة حسبما ذهب إليه الأستاذ العلامة إن لم يكن هناك ما يمنعه من الاخبار هذا كله في - التصرف الذي لا يوجب تفويت مالية التركة.