مسلطون بواسطة هذه الروايات.
فإن قلت لو كانت هذه الروايات دالة على عدم جواز التصرف للوارث لدلت على عدم جواز التصرف مطلقا من غير فرق بين ما يوجب تفويت مالية التركة وبين ما لا يوجبه فما وجه التفصيل الذي ذكرته.
قلت نمنع ظهورها في المنع من التصرف مطلقا فإن المقصود من هذه الروايات وأمثالها عدم جواز فعل ما يوجب ضياع حق الديان وهو ليس إلا ما يوجب تفويت مالية التركة ألا ترى انهم اتفقوا على تخيير الوارث في جهات القضاء وغيره مما لا يوجب ضياع حق الغرماء لعدم معارضته بما دل على المنع من التصرف في التركة.
فإن قلت لو كان الامر كما ذكرت للزم جواز التصرف الاتلافي أيضا في الجملة فإنه إذا باع الوارث التركة لنفسه فلا يخلو إما أن يكون بنائه على أداء الدين إذا طلب الغريم أو لا فعلى الأول لا تضييع وعلى الثاني للغريم أن يرجع إلى التركة المبيعة ويأخذها فلا يلزم أيضا تضييع.
قلت قد عرفت غير مرة ان أصل انتقال الحق من العين إلى الذمة فيه نوع ضرر على الغريم فلا يقاس بمسألة التبديل ونحوها مما لا يوجب تفويت مالية التركة ألا ترى ان بناء الناس على الفرق في البيع وسائر العقود العوضية بين النقد والنسية وليس هذا إلا من جهة كون الحق في الذمة في معرض الزوال والقول بأنه قد يستلزم (يلزم خ) من بقائه في العين أيضا ضرر على الغريم قد عرفت فساده نعم ذكر الأستاذ العلامة انه لو فرض هناك صورة كان بقاء الحق في العين في معرض الزوال جاز اتلافها مع قصد الضمان وتعلق الحق بالذمة كما يجوز ذلك في مال اليتيم والغائب وغيرهما من المحجور عليهم.
فإن قلت مقتضى قوله إلا أن يضمنوا وقوله فإن أبوا جواز التصرف في صورة الضمان وعدم الامتناع من أداء الدين والذي يقول بالجواز أيضا لا يقول به إلا إذا كان بناء الوارث على ضمان الدين في قصده وعدم امتناعه من أداء الدين فهذه الرواية كاشفة عن ورود جميع العمومات والاطلاقات التي لها ظهور المنع من التصرف مطلقا لبيان المعين المذكور.
قلت المراد من الضمان ليس هو بناء الأداء أو التعلق بالذمة في قصد الوارث بل المراد منه جعل الحق في العهدة والذمة مع رضاء الغريم بذلك أيضا وهو خارج عما نحن فيه لقيام الاجماع على جوازه بل قد عرفت أنه لو أذن المدين في التصرف من دون ضمان المتصرف لكان جايزا بلا إشكال ولا خلاف فضلا عن صورة الضمان فتأمل.
وبالجملة الروايات المتقدمة ظاهرة بعمومها واطلاقها في عدم جواز التصرف مطلقا غاية ما هناك ان نقول بأنها واردة في مقام المنع من تفويت مالية التركة ومسوقة لبيان هذا المعنى وليس الاطلاق مقصودا فيها وأما القول بورودها في المنع فيما إذا لم يكن بناء المتصرف على الأداء فلا يمنع من التصرف في غير الصورة وإن كان تصرفا اتلافيا فلا شاهد له أصلا بل مقتضى التدبر في الروايات الجزم بعدم إرادة هذا المعنى فتأمل فيها حتى يظهر لك حقيقة ما بينا ومما يضحك به الثكلى ما سمعنا من بعض فضلاء مجلس البحث من كون التفصيل المذكور خرقا للاجماع المركب فإن أحدا لم يفرق بين التصرف المستلزم لتفويت مالية التركة وغيره في المنع والجواز كيف وقد نقل بعض مشايخنا عن بعض الأصحاب ان النزاع في المسألة في قيمة (مالية خ) التركة لا فيها نفسها فإن ظاهره نفي الخلاف عن التصرف بعنوان التبديل فراجع.