وأما الذي يوجب تفويتها فهل يجوز إذا كان بناء الوارث على أداء الدين وقبوله ضمانه في الذمة أم لا وجهان بل قولان ظاهر الأكثر الثاني وظاهر جماعة منهم ثاني المحققين فيما عرفت من كلامه هو الأول والحق ما ذهب إليه الأكثرون فلنذكر أولا ما تمسك به القائل بالجواز ثم نعقبه بذكر دليل المختار.
فنقول ان تمسكوا للجواز بأنه جمع بين الحقين وبعموم ما دل على تسلط الشخص على ماله ولا يعارضه ما دل على نفي الضرر عن الغرماء لان البيع على الوجه المذكور لا يوجب ضياع حقهم لان الوارث إن أدى الدين فهو وإلا فلهم أن يختاروا فسخ البيع فيؤخذون حقهم من التركة.
وفيه أولا المنع من عدم معارضة العموم بما دل على نفى الضرر الحاكم عليه لان أصل انتقال الحق من العين إلى الذمة ضرر على صاحب الحق لأنه قد يكون الوارث معسرا أو يعرضه الاعسار والانجبار باختيار - الفسخ لا معنى له لأنه قد يصير المبيع تالفا في يد المشتري ويكون معسرا مضافا إلى أن الكلام ليس مختصا بالتصرف البيعي بل أعم منه ومن غيره من الاتلافات.
لا يقال إن التضرر بانتقال الحق إلى الذمة معارض بالتضرر ببقائه في عين التركة لأنه قد يعرضها التلف من جانب الله فيكون ضررا على الغريم.
لأنا نقول لا معنى لهذه المعارضة بعد تعلق الحق بالعين أولا فتأمل.
وثانيا سلمنا عدم معارضته بما دل على نفي الضرر لكنه معارض بما سنذكره من الاخبار هذا مجمل - القول في دليل الجواز وقد تمسك له ببعض ما أعرضنا عنه خوفا من التطويل مع أنه لا طائل فيه.
وأما دليل المنع الذي ذهب إليه الأكثر واخترناه تبعا لهم الاخبار والآثار الواردة من الأئمة الأطهار والنبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم.
منها ما رواه زرارة عن الصادق عليه السلام عن رجل مات وترك عليه دينا وترك عبدا له مال في التجارة وولدا وفي يد العبد مال ومتاع وعليه دين استدانه العبد في حياة سيده في تجارته وان الورثة وغرماء الميت اختصموا فيما في يد العبد من المال والمتاع وفي رقبة العبد فقال أرى ان ليس للورثة سبيل على رقبة العبد ولا على ما في يده من المتاع والمال إلا أن يضمنوا دين الغرماء جميعا فيكون العبد وما في يده من المال للورثة فإن أبوا كان العبد وما في يده للغرماء ويقوم العبد وما في يده من المال ثم يقسم ذلك بينهم بالحصص فإن عجز قيمة العبد وما في يده من أموال الغرماء رجعوا على الورثة فيما بقي لهم إن كان الميت ترك شيئا وإن فضل قيمة العبد وما في يده عن دين الغرماء رده على الورثة الحديث.
وفيه فقرات تدل على المدعى إحديهما قوله (عليه السلام) أرى ان ليس للورثة سبيل فإن نفى السبيل لهم بعد فرض القول بالانتقال لا بد من أن يكون المراد منه نفي جميع التصرفات والانتفاعات ثانيتها قوله (عليه السلام) كان العبد وما في يده للغرماء فإنه بعد قيام الاجماع على عدم دخول التركة في ملك الغرماء لا بد أن يكون المراد من اثبات كونها للغرماء نفى جميع التصرفات للوارث إلى غير ذلك.
ومنها ما ورد في بعض الروايات من أن الميت أحق بدينه من غيره فإن مقتضى أحقية الميت بدينه بعد فرض قيام الاجماع على عدم ملكيته عدم جواز تصرف الوارث فيها إذا كانت ذمته مشغولة.
ومنها ما تقدم من الروايات في استدلال القائلين بعدم الانتقال فإنا إن لم نقل بدلالتها على عدم الانتقال لكن نقل بدلالتها على عدم جواز التصرف بوجه من الوجوه فلا بد حينئذ من أن يخرج من عموم قوله الناس