وأجيب عنه بأنها معارضة بما دل من الآيات والاخبار على أن الإرث بعد الوصية والدين وهي كثيرة فمن الآيات قوله تعالى ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إلى قوله فإن كان له اخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصى بها أو دين وقوله تعالى ولكم نصف ما ترك أزواجكم أن لم يكن لهن ولد فأن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصي بها أو دين وقوله تعالى وأن كان رجل يورث كلالة أي قوله فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عزيز حكيم إلى غير ذلك من الآيات ومن الروايات خبر إسماعيل بن زياد عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أن أول ما يبدأ به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث فأن المقصود من الرواية ليس هو بيان حال الاخراج الفعلي بل المقصود منها بيان الترتيب بين هذه الأمور إلى غير ذلك من الروايات.
فإذا وقع التعارض بين تلك العمومات والاطلاقات وبين هذه المخصصات والمقيدات فيجب حملهما عليهما لما تقرر في الأصول من وجوب حمل العام على الخاص والمطلق على المقيد إذا وقع التعارض بينهما فيصير حاصل المعنى بعد التقييد والحمل ان تملك الورثة موقوف على انتفاء الدين فما دام الدين يكون موجودا لا ينتقل المال إلى الورثة فهو يدل حينئذ على خلاف المدعى.
وأجاب عنه في المسالك وغيره بأنه يحمل المقيدات على بيان الاستقرار جمعا بينها وبين المطلقات وأجيب عنه بجوابين أحدهما ان اللام في قوله ولكل واحد أو ولكم للتملك وحمله على الاستقرار خلاف لظاهره ثانيهما ان حمل المطلق على المقيد أولي من التصرف في المقيد بما يحصل به الجمع فما وجه ترجيح العكس مع أنه مرجوح هذه كلمات وقعت في البين من الطرفين.
ولكن التحقيق فساد أصل الاستدلال بالعمومات مع ما وقع من الأجوبة والإيرادات لان اللام في الموضعين بمعنى الاختصاص التام فلا معنى حينئذ لأصل الاستدلال ولا للايراد والجواب.
وبيانه بحيث يرتفع حجاب الاجمال يحتاج إلى تفصيل في المقال فنقول بعون الملك المتعال انه أما أن يجعل اللام ظاهرا في الاستقرار حسبما هو المختار عندنا الثابت في محله من أن اللام ظاهر في التملك المطلق والاختصاص الخاص المستقر أما ظهورا وضعيا أو انصرافيا من جهة كثرة الاستعمال وليس مثل لفظ الملك حتى يكون ظهوره في الملك المطلق من جهة الاطلاق وعدم التقييد وأما أن يجعل ظاهرا في إفادة مطلق التملك والاختصاص في الجملة.
فأن قيل بالأول كما عرفت أنه الحق في معنى اللام فلا بد من أن يجعل اللام في المطلقات والمقيدات بمعنى واحد وحينئذ نقول أن المطلقات بعد حملها على المقيدات أو قبله لا دلالة لها على أحد القولين ولا يمكن أن تجعل حجة لاحد المسلكين لأنها تدل حينئذ مع قطع النظر عن الحمل على أن ملكية الورثة تامة بالملكية التامة للتركة مع تعلق الدين بها ومعلوم أن هذا المعنى مما لا يقول به أحد مضافا إلى أنه لا معنى لعدم حمل المطلق على المقيد ومع ملاحظة الحمل تدل على أن ملكية الورثة للتركة تامة بالملكية التامة بعد انتفاء الدين وهذا المعنى مما لا ينفع أحد القولين لأنه قضية كلمة جميعهم.
ومنه يظهر فساد ما قيل من أنه يحمل اللام في المقيدات على الاستقرار جمعا وما قيل في جوابه من الجوابين أما فساد الأول فلما عرفت من أن الحمل على الاستقرار والملكية التامة ليس خروجا عن ظاهر اللام حتى نرتكبه جمعا بل هو حمل على المعنى الحقيقي مضافا إلى أنه لا يحصل الجمع به لكون اللام