أحدها ما عرفت فيما سبق من قوله تعالى في جملة من الآيات من بعد وصية يوصي بها أو دين وجملة من الروايات وخصوص بعض الروايات الذي لم نذكره سابقا ولا بد من ذكره لبعض خصوصيات فيه وهو صحيحة عباد بن صهيب وصحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام) ففي الأولى منهما رجل فرط في اخراج زكاته في حياته فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما فرط فيه مما لزمه من الزكاة ثم أوصى به أن يخرج ذلك فيدفع إلى من تجب له قال جايز يخرج ذلك من جميع المال انما هو بمنزلة دين لو كان عليه ليس للورثة شئ حتى يؤدوا ما أوصى به من الزكاة وفي الثانية قضى أمير المؤمنين عليه السلام في دية المقتول انه يرثها الورثة على كتاب الله إذا لم يكن على المقتول دين وهاتان في الدلالة على المدعي أظهر من الآيات والروايات السابقة كما لا يخفى لكن يرد عليهما أما في الأولى منهما فبما أوردنا في الآيات وسائر الروايات من كون اللام فيه للاختصاص التام والملك المستقر فلا يدل على انتفاء أصل الملكية في الصورة وجود الدين.
لا يقال فرق بين الرواية وسائر الروايات لان اللام في الرواية لما كانت في حيز النفي فتدل على انتفاء الملكية مطلقا مستقرة كانت أو غيرها لما تقرر في محله ان اللفظ المنصرف إلى بعض الافراد إذا وقع في حيز النفي يدل على العموم لأن النفي تعلق بأصل المهية فيرفعها فينفي جميع افرادها وهذه بخلاف سائر الروايات فأن اللام فيها في حيز الاثبات فيعد (فيفيد خ) الفرد المنصرف إليه آلة الملاحظة وهو الاختصاص التام فأن مطلق الاختصاص ظاهر في الاختصاص التام.
لأنا نقول ما ذكرته من إفادة العموم إذا وقعت المهية في حيز النفي مسلم لكن من المقرر في محله أيضا ان المراد من وقوعها حيز النفي كونها موضوعة لا محمولة فأن مفاد المهية إذا وقعت محمولة في الجملة السالبة مفادها في الاثبات من غير فرق بينهما أصلا.
وأما في الثانية فبما ذكرنا سابقا من أنها وإن لم نشتمل على اللام الظاهرة في الاختصاص التام الا ان الظاهر من لفظ الإرث فيها هو الاخذ الفعلي على وجه الإرث لا مطلق الانتقال كما لا يخفى.
وبالجملة لا معنى لانكار ظهور الأدلة من الآيات والاخبار في مذهب الأكثر في بادي النظر الا ان بعد التأمل فيها يعلم أن المراد منها نفي انتقال التركة إلى الوارث في صورة وجود الدين بالانتقال التام بحيث تصير ملكا طلقا لهم غير متعلق لحق أحد هذا ما ذكره الأستاذ العلامة دام ظله في المقام ولكن مقتضى الانصاف كما لا يخفى لمن جانب الاعتساف ظهور بعضها في قول الأكثر فراجع وتأمل فيها.
ثانيها السيرة المستمرة على تبعية النماء للتركة في وفاء الدين وهو مستلزم لبقائها على حكم مال الميت لا انتقالها إلى الورثة.
والجواب عنها بوجوه أحدها المنع من تحققها ثانيها المنع من كون دفع الورثة للنماء في أداء الدين على وجه الالتزام بذلك بل هو على وجه التبرع من جهة كون بنائهم على تحصيل براءة ذمة مورثهم ثالثها انه على فرض تسليم تحقق السيرة على الوجه الالتزام لكنها أعم من بقاء نماء التركة في حكم مال الميت إذ من المحتمل ان ينتقل إلى الورثة لكن يجب عليهم دفعه في أداء الدين كالأصل فتأمل.
ثالثها ما ذكره بعضهم من أنها لو انتقلت إلى الوارث في صورة وجود الدين لا عتق عليه قريبه الذي ينعتق عليه قهرا إذا دخل في ملكه كالأب إذا فرض كونه في تركة مورثه والظاهر أنه لا اشكال عندهم في عدم صيرورته معتقا قهرا بل للغرماء ان يستوفوا منه حقهم بعد عدم حصول الأداء من الوارث وغيره.