الملك قهرا لأنها إما أن تقوم بالجسد المفارق عنه الروح وأما أن تقوم بالروح فإن كان الأول فهو غير معقول لان الجسد من الجمادات لا يقبل لقوام الملك به وهذا معنى قولهم إن الميت معدوم وقوام الملك الذي هو صفة وجودية به غير معقول ضرورة استحالة قيام الموجود بالمعدوم وإن كان الثاني فكذلك لأنها لم تكن قائمة به في حال الحياة حتى تبقى ببقائه بل هي نظير الظن قائمة به باعتبار تعلقه بالبدن لان تلك الرابطة أمر عرفي بين الانسان وملكه من حيث تشخصه الملحوظ في حال الحياة كما لا يخفى وكذلك الاحكام العارضة لها القائمة بها لان بقاء العرض والمحمول مع ارتفاع المعروض والموضوع غير معقول ضرورة اقتضاء قضية العروض والحمل ذلك.
إذا عرفت ما مهدنا لك من المقدمة فنقول انه لا يخلو إما أن يريد الخصم بأصالة عدم انتقال التركة إلى الورثة اثبات كونها باقية في ملك الميت حقيقة أو يريد اثبات كونها في حكم ماله لو فرض كونه قابلا لقيام المال به أو فرض كونه حيا على الوجهين في توجيه الكلام من يقول بكونها في حكم مال الميت فأما الأول فمع كونه خلاف العقل كما عرفته فلم يرده قطعا لما قد عرفت من عدم قائل به بين الأصحاب وأما الثاني ففيه انه لم يكن هذا المعنى ثابتا قبل الموت حتى يستصحب لان الدين قبل الموت إنما تعلق بالذمة إجماعا ولو كان ثابتا قبل فقد ارتفع قطعا لانتفاء موضوعه فثبوته بعد الموت ليس إلا ثبوتا حدوثيا والأصل عدمه كما أن الأصل عدم الانتقال إلى الورثة فالأصل المذكور ليس له أصل ينفع في المقام.
هذه غاية ما استفدنا من كلام شيخنا الأستاذ في توضيح المرام ولكن قد يختلج صحة الاستدلال بالأصل المذكور للقول المزبور وعدم ورود ما أورد عليه الأستاذ.
توضيح ما ذكرنا من عدم الورود ان الاحكام المعهودة والثمرات المترتبة على القول ببقاء التركة على حكم مال الميت وإن كانت حادثة حسبما ذكره الأستاذ العلامة إلا أنها قد رتبت في الشرع على نفس عدم انتقال التركة إلى الوارث قبل قضاء الدين الذي يكون موافقا للأصل باعتراف الأستاذ فبعد احراز الموضوع بالأصل لا معنى لنفي حكمه وإن كان حدثا.
وبالجملة الحكم فيما نحن فيه وإن كان بنفسه أمرا حادثا مخالفا للأصل إلا أنه متفرع في الشرع على أمر موافق للأصل إذ لا معنى للقول ببقاء التركة في حكم مال الميت إلا عدم انتقالها إلى الورثة قبل قضاء الدين ومن المعلوم المقرر في محله انه لا معنى لتعارض الأصل في طرف الحكم مع الأصل في طرف موضوعه وإلا لارتفع اعتبار الأصل في جميع الموارد وهذا أمر واضح قد نبه عليه الأستاذ العلامة في غير مورد من رسائله التي كتبها في الأصول فراجع إليها هذا ولكن ما ذكرنا لا يخلو عن تأمل فتأمل فيه حتى يظهر لك وجهه.
إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى التكلم في المقامين فنقول إما الكلام في المقام الأول فقد يستدل للقول بالانتقال إلى الورثة وعدم بقاء التركة في حكم مال الميت بوجوه.
الأول الاطلاقات الواردة في الكتاب والسنة الدالة على انتقال التركة إلى الورثة من دون التقييد بشئ مثل قوله تعالى للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون الآية فإنها وإن كانت مهملة من حيث مقدار النصيب كجملة من غيرها من الآيات والاخبار إلا أنها مبينة من حيث الدلالة على ثبوت النصيب للورثة في جميع الحالات سواء كان هناك دين على المورث أو لا ومثل قوله عز وجل يوصيكم الله في أولادكم الآية ومثل قوله (صلى الله عليه وآله) ما ترك الميت فهو لوارثه إلى غير ذلك من آيات الإرث ورواياته.