عمدتها الاجماع المنقول والاخبار لم تدل على المدعى إلا بضميمة كلمات القوم وقد عرفت بندائها بأعلى صوت باشتراط دعوى العلم.
قلت أولا انا لم نقف على الاجماع المنقول ممن يعتمد بنقله في المقام معتضدا بساير الامارات حتى نتمسك به ونجعله عمدة دليل الباب وثانيا سلمنا وجوده بالمعنى المذكور لكن الدليل لم يكن منحصرا فيه بل فيما عرفت من الاخبار غنى وكفاية وأما القول بعدم تمامية الاستدلال بجميعها إلا بضميمة كلمات القوم فضعيف جدا لوجود الاطلاق النافع في بعضها ومن هنا يمكن التمسك به مستقلا من غير احتياج إلى التمسك بالعمومات الأولية غاية الأمر عدم جواز الاستدلال ببعضها إلا بضميمة وهذا لا يقدح في جواز الاستدلال بالباقي مستقلا كما لا يخفى وثالثا سلمنا عدم تماميتها إلا بضميمة كلمات القوم لكن نمنع ظهورها بعد التأمل في اشتراط دعوى العلم وإنما المقصود من كلماتهم بيان مانعية الاعتراف لا اشتراط دعوى العلم ولهذا تراهم يتفرعون (يفرعون خ) على الاشتراط انه لو اعترف بعدم العلم أو سلم جهل المدعى عليه لم يكن له دعوى موجبة لليمين ولو كانت شرطا عندهم للزم أن يتفرعوا (يفرعوا خ) عليه انه لو لم يدع العلم فالتفريع بالضد دون النقيض كاشف عن أن مقصودهم من ذكر اشتراط دعوى العلم بيان مانعية الاعتراف فكلماتهم مسوقة له لا لبيان أصل الاشتراط ورابعا سلمنا جميع ذلك لكن نقول إن مقتضى ما ذكرت من عدم الاطلاق في أدلة التنزيل هو وجوب الرجوع إلى العمومات في صورة عدم دعوى العلم فيقضى بعد عدم حلف المدعى عليه على البت وامتناعه عن الرد بالنكول أو بالرد وهو خلاف ما بناءكم عليه من الحكم بالايقاف وعدم سماع دعوى المدعي وبالجملة مقتضى العمومات ان كل مدعى عليه لا يتخلص إلا باليمين ففي صورة جهل المدعى بعلم المدعى عليه لا يمكن الحكم بأنه يتخلص من غير يمين غاية الأمر انه بعد قيام الدليل على تنزيل اليمين على نفي العلم منزلة اليمين على البت يحكم بكفايتها عنها لا أنه يحكم بأنه يتخلص من دون يمين أصلا هذا ملخص ما ذكره الأستاذ العلامة في توجيه التمسك بالعمومات ولكن لي فيها انظار لا أبين وجهها خوفا من طعن بعض الجامدين وفساد بعض المفسدين ومن كان له مزيد تأمل ودقة نظر يطلع عليه بشرط مراعاته للانصاف والقائه رداء العصبية والاعتساف.
ثانيها ما ورد في لزوم اليمين الاستظهاري في الدعوى على الميت من موثقة عبد الرحمن عن أبي عبد الله الذي رواه المحمدون الثلاثة قال قلت للشيخ عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق فلا يكون له البينة بماله قال فيمين المدعى عليه إلى أن قال فإن كان المطلوب بالحق قد مات فأقيمت عليه البينة فعلى المدعي اليمين بالله الذي لا إله إلا هو لقد مات فلان وان حقه عليه فإن حلف وإلا فلا حق له إلى أن قال فإن ادعى ولا بينة فلا حق له الحديث تقريب الاستدلال ان الرواية تدل بملاحظة السياق على اتحاد تحرير الدعوى على الميت والحي وانه لا يشترط في الدعوى على الميت ادعاء العلم بل الدعوى عليه كالدعوى على الحي وإلا لزم أن يقول فإن كان المطلوب بالحق قد مات فيجب على المدعي دعوى علم الوارث بتعلق حق المدعي على ذمة الميت فعدم تعرضه له يدل على أن كل دعوى تسمع على الحي تسمع على الميت بشرط انضمام اليمين بالبينة ومن المعلوم المسلم عند الخصم ان الدعوى على الحي بدون دعوى العلم مسموعة قطعا فليكن الدعوى على الميت أيضا مسموعة من دون دعوى العلم.
وأما قوله فان ادعى ولا بينة فلا حق له فهو وإن كان ظاهره منافيا لما ذكرنا بل منافيا لأصل اعتبار اليمين ولو بعد دعوى العلم لكنه لا بد من تقييده ورفع اليد عن ظاهره بما دل على ثبوت الحق له بعد عرض اليمين