على نفي فعل الغير فبعد هذا التنزيل لا أثر لدعوى العلم وغيرها حتى نلتزم بلزومها.
فإن قلت لو كان البناء على التنزيل المذكور فما وجه اعتبار عدم اعتراف المدعي بعدم علم المدعى عليه وإلا فيسقط عنه اليمين.
قلت وجه اعتباره انه لو اعترف بعدم علمه لزم لغوية اليمين وبعبارة أخرى انه قد مر في تضاعيف كلماتنا السابقة وسيمر بك فيما بعد إن شاء الله ان الحكمة في اعتبار اليمين حصول التشفي للمدعي وكونها امارة نوعية على صدق الحالف في حق غيره من الحاكم وغيره ومن المعلوم عدم عود نفع إلى المدعي من اليمين على نفي العلم بعد اعترافه بعدم علم الحالف وهذا بخلاف ما لو كان عالما بعلمه أو شاكا فيه فإنه يحصل له التشفي من اليمين على نفي العلم في كل من الصورتين كما لا يخفى وسيجئ الإشارة إليه إن شاء الله.
ثالثها ما قد يختلج ببالي القاصر ويسبق بذهني الفاتر من أن عمدة الدليل لتنزيل اليمين على نفي العلم منزلة اليمين على البت التي قضت باعتبارها العمومات هو الاجماع المنقول المعتضد بالشهرة العظيمة بل عدم الخلاف في المسألة وأما الاخبار فقد عرفت عدم تماميتها ونهوضها للدلالة على المدعى إلا بانضمام كلمات أصحابنا الأخيار ومن المعلوم لكل من راجع إلى كلماتهم انها ظاهرة في اشتراط دعوى العلم فلا دليل على تنزيل اليمين على نفي العلم منزلة اليمين على البت في صورة عدم ادعاء العلم على الحالف هذه غاية ما يمكن الاستدلال به للقول بالاشتراط.
وقد اختار شيخنا الأستاذ العلامة دام ظله تبعا للشيخ في المبسوط وموافقا لبعض مشايخنا المتأخرين القول بعدم الاشتراط واستدل له بوجوه.
أحدها اطلاق ما دل من العمومات على أنه لا يتخلص المنكر إلا باليمين من غير اشتراط لدعوى العلم في اليمين على نفي فعل الغير.
فإن قلت قد ذكرت ان ظاهر العمومات لزوم كون اليمين على البت مطلقا وانه الأصل في اليمين فكيف يتمسك بها لكفاية اليمين على نفي العلم من دون دعوى العلم.
قلت ما أردت التمسك بالعمومات لأصل تشريع اليمين على نفي العلم حتى يقال إنها ظاهرة في اليمين على البت بل أردت التمسك بها لنفي اشتراط دعوى العلم بعد قيام الدليل من الخارج على تنزيل اليمين على نفي العلم في نفي فعل الغير منزلة اليمين على البت وبيان آخر الظاهر من العمومات ابتداء وإن كان اشتراط البت في اليمين حتى في نفي فعل الغير أيضا إلا أن بعد قيام الدليل على كفاية اليمين على نفي العلم فيه وتنزيله منزلة اليمين على البت يصير المراد منها اليمين على البت في غير نفي فعل الغير واليمين على نفي العلم في نفي فعل الغير ففي كل دعوى لا يتخلص المدعى عليه إلا باليمين لكن في كل مورد بحسبه مع أنه ليس فيها اشتراط دعوى العلم في اليمين على نفي العلم في نفي فعل الغير.
فإن قلت بعدما سلمت ان ظاهر العمومات لزوم كون اليمين على البت وان قيام اليمين على نفي العلم مقامها إنما هو من الدليل الخارج فيكف يجوز التمسك بها لنفي الاشتراط بل ليس هذا لك قطعا بل لا بد لنفي ذلك من الرجوع إلى ما دل على قيام اليمين على نفي العلم مقام اليمين على البت وتنزيلها منزلتها فإن كان فيه اطلاق ينفعك في المقام فليتمسك به وإلا فلا فيصير مقتضى الأصل بعد عدم الاطلاق فيه اشتراط دعوى العلم وعدم كفاية اليمين على نفي العلم وقد عرفت عدم اطلاق في أدلة التنزيل ينفعك في المقام حيث إن