بناء الشارع في خصوص باب القضاء على ملاحظة عدم لزوم الضرر غالبا ومعلوم ان في الالزام على اليمين العلمي ضرر.
وأنت خبير بضعف هذا الوجه لفساد المستندين إما الأول فلانه لا دخل لحديث رفع العسر والحرج في المقام أصلا لا لان ما دل على نفي الحرج في الشريعة ليس مفاده الحرج النوعي بل الشخصي حسبما بنينا عليه بل لان وجود التعذر الشخصي أيضا لا ينفع في المقام لأنه كان نافعا لولا قيام الدليل على وجوب الرد بعد التعذر عن الحلف ولكنك قد عرفت أن مقتضى الأدلة الالتزام بأحد من الحلف والرد وأما الثاني فبمنعه أولا وبعدم صلاحيته للاستناد ثانيا. نعم الوجهان وجيهان بحسب الاعتبار والظاهر كما صرح به الأستاذ العلامة ان من ذكر هذا الوجه وعلل الحكم به لعله أراد بيان الحكمة لا العلة وهو حسن.
ثانيها الاجماع المنقول المعتضد بالشهرة بل عدم الخلاف في المسألة يعتد به.
ثالثها جملة من الروايات منها رواية أبي بصير سئل الصادق (عليه السلام) عن رجل يأتي القوم فيدعي دارا في أيديهم ويقيم البينة ويقيم الذي في يديه الدار البينة انها ورثها عن أبيه ولا يدري كيف كان أمرها فقال أكثرهم بينة يستحلف ويدفع إليه الخبر وهي كما ترى تدل على جواز الحلف على نفي العلم في الجملة.
ومنها رواية حفص بن غياث عن الصادق (عليه السلام) قال له رجل إذا رأيت شيئا في يدي رجل يجوز أن أشهد انه له قال نعم قال الرجل أشهد انه في يده ولا أشهد انه له فلعله لغيره فقال أبو عبد الله (عليه السلام) أفيحل الشراء منه قال نعم فقال أبو عبد الله (عليه السلام) فلعله لغيره فمن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكا لك وتقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق الخبر وجه الدلالة انه جعل الإمام (عليه السلام) جواز الحلف استنادا إلى اليد مفروغا عنه.
لا يقال إن الرواية إنما دلت على جواز الحلف استنادا إلى اليد بالنسبة إلى نفس المشتري وأين هذا من الدلالة على جواز الحلف استنادا إلى اليد فيما إذ كانت الدعوى على فعل البايع ومن هنا جعل بعض - المشايخ هذه الرواية دليلا على جواز الحلف مستندا إلى الأمارات الشرعية بالنسبة إلى فعل النفس.
لأنا نقول جواز حلفه على الملكية فما ادعى عليه لنفسه يستلزم جواز حلفه على ملكية الغير فيما ادعى عليه لان صحة يده متوقفة على صحة يد البايع كما لا يخفى هذا مضافا إلى أن في قوله ولا يجوز ان تنسبه الخ دلالة على جواز الحلف على ملكية البايع لو ادعى عليه فتأمل.
فإن قلت المستفاد من الرواية على تقدير الدلالة هو الحلف على ملكية البايع بطريق الجزم وألبت استنادا إلى أصالة صحة اليد وأين هذا من اليمين على نفي العلم فالرواية على هذا لا دلالة لها على المدعي أصلا بل تدل على خلافه.
قلت قد عرفت سابقا وستعرف فيما بعد إن شاء الله ان اليمين المستندة إلى الامارة الشرعية كاليمين على نفي العلم تقوم إحديهما مقام الأخرى فلا فرق بين أن يقول الوارث والله لا أعلم انك تطلب من مورثي أو يقول والله ليس مورثي مشغول الذمة استنادا إلى أصالة البراءة هكذا ذكره شيخنا الأستاذ لكنه خلاف ظاهر كلماتهم في اليمين على نفي العلم هذا ولكن يمكن الايراد على الاستدلال بالرواية بأن غاية ما يستفاد منها حسبما يشهد له صدر الرواية هو جواز الحلف استنادا إلى اليد بالنظر إلى تكليف الحالف وهذا لا دلالة له على نفوذه وجواز القضاء به للحاكم كما هو المدعى فتأمل (1) ويمكن الايراد عليه أيضا بأن الرواية مضافا إلى كونها ضعيفة