سماع الدعوى عليه كدعوى علم الوارث بالموت والحق أم لا يشترط ذلك قولان ظاهر كلمات الأكثر منهم المصنف الأول كما لا يخفى على من راجع كتبهم وظاهر الشيخ في المبسوط الثاني حيث قال في باب اليمين ما هذا لفظه فصل أمر الحالف لا يخلو من أحد أمرين إما أن يحلف على فعل نفسه أو فعل غيره فإن حلف على فعل نفسه كانت على البت والقطع نفيا كانت أو إثباتا وإن كانت على فعل غيره نظرت فإن كانت على الاثبات كانت على القطع وإن كانت على النفي كانت على العلم وإن اختصرت فقلت الايمان كلها على القطع إلا ما كانت على نفي فعل الغير فإنها على العلم إلى أن قال واما على نفي فعل الغير مثل ان يدعي ان له على أبيه ألفا فأنكر فيحلف أن لا اعلم أن لك على أبي ذلك أو يدعي ان أباه أتلف عليه كذا وكذا انتهى كلامه وهو كما ترى ظاهر في عدم اشتراط دعوى علم المدعى عليه بالحق في اليمين على نفي فعل الغير وأظهر منه ما ذكره في موضع آخر منه أيضا حيث قال إذا ادعى رجل حقا على ابن رجل ميت لم يقبل دعواه إلا أن يدعي الحق ويدعي موت الأب وانه خلف في يده تركة لأنه إن لم يمت الأب فلا حق له على ابنه وإن مات ولم يخلف تركة فلا حق له عليه أيضا فلا بد من دعوى ثلاثة أشياء فإذا ادعى الموت فالقول قول الابن لان الأصل أن لا موت وإذا ادعى التركة فلا يقبل دعواه مطلقا حتى يقيد ذلك فيقول خلف في يدك تركة مبلغها كذا وكذا فإذا قدر ذلك وادعى فالقول قول المدعى عليه مع يمينه انه ما خلف شيئا فإن ثبت الموت وثبت انه خلف تركة وحينئذ تسمع دعواه بالحق عليه ويكون القول قول الابن انه لا يعلم أنه له على أبيه حقا انتهى كلامه وهذا الكلام كما ترى صريح في عدم اشتراط شئ في توجه اليمين على الوارث غير ما هو شرط في أصل سماع الدعوى وصيرورة الوارث مدعى عليه.
ثم قبل تحقيق الحق من القولين لا بد من التعرض لامرين أحدهما انه لا إشكال ولا خلاف في سماع دعوى المدعي إذا ادعى الأمور الثلاثة وإن لم يدع علم الوارث بأحدها إذا كانت له بينة بما يدعيه بل ولو اعترف بعدم علمه بالحق وإنما اختلفوا في أنه هل يشترط في توجه اليمين على الوارث بعد عدم البينة للمدعي أو عدم اقامتها زيادة على دعوى أمور واقعية التي هي شرط في أصل سماع الدعوى دعوى علمه أيضا أم لا يشترط ذلك فما يترائى من كلمات جماعة من أنه لو لم يدع المدعي علم الوارث بالموت والحق لم يسمع دعواه أو لم يتوجه له دعوى على الوارث ليس المراد منه عدم سماع الدعوى رأسا بل المراد منه عدم سماعها بحيث يكلف المدعى عليه بالحلف أو الرد وكفاك شاهدا في هذا كلام المصنف حيث ذكر بعد اشتراط توجه اليمين بما ذكره ولو ساعده المدعي بعدم أحد هذه الأمور لم تتوجه فكلامهم هذا إما أن يحمل على مورد فرض فيه عدم البينة أو يقال إن مرادهم من عدم السماع هو الذي يلزم المنكر بعده بالجواب واليمين وغير ذلك لا أن يكون مرادهم منه عدمه بحيث لا يقبل بينة المدعي.
والحاصل انه لا ريب في أنهم ليسوا بصدد اثبات اشتراط أصل سماع الدعوى من المدعى بدعوى العلم وإن وقع منهم ما وقع من المسامحة في مقام مثل ذكر بعض شروط سماع أصل الدعوى في مقام بيان شرايط اليمين كما صنعه المصنف وجماعة حيث إنهم ذكروا دعوى المدعي تخلف التركة في يد الوارث من شروط اليمين مع أنها من شروط أصل الدعوى ومثل ذكر بعض شروط توجه اليمين في سماع الدعوى وشرايطه كما صنعه في الدروس حيث ذكر في شروط الدعوى بعد اشتراط أن لا تكون الدعوى مجهولة ومظنونة ما هذا لفظه ولو ادعى على مورثه دينا لم تسمع حتى يدعى موته وعلمه بالحق وانه ترك مالا في يد الوارث انتهى كلامه.
وأعظم ما وقع من المسامحة في المقام ما عن العلامة في القواعد من ذكره ما ذكره المصنف في توجه اليمين من الشروط الثلاثة ثم تفريعه عليه بأنه لو اعترف المدعي بجهل الوارث بأحد هذه الأمور لم تسمع دعواه