أثبتناه في الأصول مضافا إلى الروايات الواردة في المسألة من أهل العصمة والطهارة البالغة حد الاستفاضة عموما وخصوصا فمنها رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) إذا أرضى صاحب الحق بيمين المنكر لحقه واستحلف فحلف لا حق له عليه وذهبت اليمين بحق المدعي فلا حق له قلت وإن كانت له عليه بينة عادلة قال نعم وإن أقام بعدما استحلفه خمسين قسامة ما كان له وكان اليمين قد أبطل كل ما أدعاه قبله مما قد استحلفه عليه ومنها قوله (صلى الله عليه وآله) من حلف لكم بالله فصدقوه ومن سئلكم بالله فاعطوه وفي بعض النسخ استشهاد الإمام (عليه السلام) في الرواية المتقدمة بهذا الحديث بقوله في آخر الرواية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حلف لكم بالله فصدقوه الحديث مع انضمام وذهبت اليمين بحق المدعي ولا دعوى له ومنها ما في رواية أخرى عنه (عليه السلام) في الرجل يكون له على الرجل المال فجحده قال إن استحلفه فليس له أن يأخذ منه شيئا وإن تركه ولم يستحلفه فهو على حقه ومنها ما رواه الشيخ عن عبد الله بن وضاح قال قد كان بيني وبين رجل من اليهود معاملة فخانني بألف درهم فقدمته إلى الوالي فاحتلفه فحلف وقد علمت أنه حلف يمينا فاجرة فوقع له بعد ذلك أرباح ودراهم كثيرة فأردت أن أقبض الألف درهم التي كانت لي عنده واحلف عليها فكتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) فأخبرته بالقضية فكتب إلي لا تأخذ منه شيئا إن كان قد ظلمك فلا تظلمه ولولا انك رضيت بيمينه فحلفته لامرتك أن تأخذ منه من تحت يدك ولكنك رضيت بيمينه قد مضت اليمين بما فيها إلى غير ذلك من النصوص ودلالتها على عدم جواز التقاص ظاهرة خصوصا الرواية الأخيرة فإنها صريحة فيه.
وأما الكلام في المقام الرابع وهو جواز ترتيب الآثار الأخر غير التقاص على المال الذي هو في ذمة - الحالف وعدمه فيكون هذا المال مما سلب أثره في الدنيا بالنسبة إلى المدعى فالحق فيه بالنظر إلى ما يظهر من النظر الأولى في الروايات المتقدمة عدمه فإن الظاهر منها بالظهور البدوي هو فرض المال الذي في ذمة المنكر الحالف كالمعدوم في عدم ترتب أثر عليه فإن الظاهر من قوله ذهبت اليمين بحق المدعي واليمين أبطل كل ما أدعاه قبله ومضت اليمين بما فيها بعد امتناع إرادة ذهاب أصل المال أو ابطاله ومضيه هو إرادة ذهاب جميع آثاره وابطال كلها ومضيها وكذلك قوله من حلف لكم بالله فصدقوه فإن الظاهر منه ترتيب جميع آثار الصدق عليه هذا ما يقتضيه النظر الجلي في الروايات.
وأما ما يقتضيه النظر الخفي والدقيق هو عدم صحة هذا المعنى والحكم بعدم التعميم بالنسبة إلى جميع الآثار بيان ذلك أن تقدير جميع الآثار في الرواية الأولى بعد امتناع إرادة ذهاب أصل المال وإن كان أقرب اعتبار إلى المعنى الحقيقي إلا أن الأقرب عرفا ليس هو ذلك بل الأثر الذي يلزمه التعرض لماله أو نفسه جهرا أو خفاء كالتقاص من ماله وبعبارة أخرى الآثار التي تسلتزم هتك حرمة اليمين والحلف بالله وأما الأثر الذي لا يلزمه التعرض لهما ولا يهتك به حرمة الحلف بالله كالاحتساب من الزكاة والصدقات والابراء إلى غير ذلك فلا يكون تلك الروايات ظاهرة عرفا في عدم ترتبه فلا يحكم بمقتضى تلك الروايات على نفيه وإن كان هو مقتضى أقربيته للاعتبار لأنه قد ثبت في محله انه إذا دار أمر اللفظ بعد صرفه عن معناه الحقيقي بين حمله على معنى مجازي أقرب إلى المعنى الحقيقي عرفا وبين حمله على معنى مجازي يكون أقرب عليه اعتبارا يحمل على الأول وهذا نظير ما ذكرنا في رد من تمسك بحديث الرفع على رفع جميع آثار التسعة المذكورة فيه بأقربيتها إلى المعنى الحقيقي من أن رفع جميع الآثار وإن كان أقرب اعتبار إلى رفع نفس تلك الأشياء إلا أن الأقرب عرفا هو خصوص رفع المؤاخذة عليها فلا بد من حمل اللفظ عليه بل يمكن أن يدعى ان عدم جواز التقاص أيضا لا يظهر منها أصلا