الوضع غير ما ثبت له من الحكم التكليفي فالأصل عدم كل منهما في صورة الشك فثبت ان مقتضى الأصل بالنسبة إلى الحكم التكليفي والوضعي مع من ذهب إلى عدم القضاء بمجرد النكول هذا وقد يعارض هذا الأصل بكلا المعنيين (معنييه خ) بالأصل في القضاء بالرد بعد نكول المنكر وحلف المدعي فإنه كما أن الأصل عدم جواز القضاء بالنكول وعدم تأثيره كذلك الأصل عدم جواز القضاء بالحلف بعد الرد وعدم تأثيره ولكنك خبير بفساد هذه المعارضة وكونها مجرد المغالطة لان القضاء في صورة الرد بعد الحلف يقيني فلا أصل هنا حتى يقتضي نفيه.
لا يقال من أين علم القضاء بالرد والحلف مع أن القائل بالقضاء بمجرد النكول ينكره فإن ما ثبت هناك تسليمه بين الفريقين هو القضاء بالرد والحلف إذا جاء الرد من قبل المنكر وأما إذا جاء من قبل الحاكم فلا نسلم كون القضاء به يقينيا.
لأنا نقول لسنا ندعي تيقن القضاء من جهة خصوص الرد والحلف حتى تورد علينا بما ذكرت من ذهاب القائلين بالقضاء بالنكول إلى نفيه بل ندعي ان القضاء في صورة النكول والرد يقيني وليس علينا تعيين جهته حتى تقول انها غير مسلمة بين الفريقين وليس هذا الذي ذكرنا مختصا بما نحن فيه بل يجري في جميع صور الشك بين الزائد والناقص في أبواب العبادات والمعاملات فإنه في صورة الاختلاف في شرطية شئ للمعاملة نقول إن مقتضى الأصل الأولي فساد هذه المعاملة بدون هذا الشرط المختلف فيه لان القدر المتيقن من صحتها هي صورة اشتمالها على الشرط وإن لم يعلم أن صحتها من جهة وجود هذا الشرط فلا يقال إن القائل بعدم شرطيته ينكر الصحة من جهة هذا الشرط فلا نعلم كون الصحة في صورة وجوده يقينية فيندفع بالأصل وهكذا الامر في العبادات أيضا فانا لو شككنا في شرطية شئ للعبادة كالاستطاعة للحج مثلا فنقول ان وجوبه في صورة وجود الاستطاعة يقيني وفي صورة عدمه مشكوك فيندفع بالأصل ولا يعارض هذا بأن الوجوب من جهة الاستطاعة لم نعلم كونه ثابتا فيندفع بالأصل أيضا والسر في ذلك كله ان المتمسك بالأصل العملي لا يريد به تعيين الجهة لعدم اقتضاء الأصول العملية إلا اثبات مجرد الحكم وأما تعيين جهة الثبوت فلا فلا معنى لمعارضته حينئذ بتردد الجهة بين الامرين هذا.
ثم إن هناك أصلين آخرين يتمسك بهما للقولين أحدهما أصالة براءة ذمة المدعي من الحلف للقول بالقضاء بمجرد النكول ثانيهما براءة ذمة المنكر من الحق بمجرد النكول للقول بعدم القضاء به وأنت خبير بفساد كلا الأصلين وعدم تمامية كلا الطريقين أما الأول فيرد عليه أولا بعدم جريان الأصل المذكور في المقام لان الوجوب المشكوك فيه ليس وجوبا نفسيا يعاقب على مخالفته حتى يجري أدلة البراءة بل إنما هو وجوب ارشادي شرطي لا يترتب على مخالفته إلا عدم ثبوت الحق فلا مسرح لأدلة البراءة في المقام أصلا كما لا يخفى وثانيا بعدم جدوى للأصل المذكور بعد تسليم جريانه لاثبات القضاء بالنكول حسبما هو المأمول والمقصود إلا أن يتمسك فيه بعدم القول بالفصل وأما الثاني فيرد عليه بأنه إن أريد من براءة ذمة المنكر من الحق الحق - الواقعي ففيه أنها تابعة للواقع ولا دخل للنكول وعدمه بل وحكم الحاكم وعدمه فيها أصلا فإن كان في الواقع وفي علمه برئ الذمة من الحق كان بريئا سواء حكم الحاكم على براءة ذمته أو اشتغالها وإن كان في الواقع مشغول الذمة بالحق يجب عليه التخلص عن الحق سواء حكم الحاكم على براءة ذمته أو اشتغالها وإن أريد البراءة من الحق ظاهرا ففيه انها تابعة لحكم الحاكم ومسببة عنه فلا بد من أن يجري الأصل بالنسبة إليه حسبما عرفت منا فتبين من جميع ما ذكرنا أن الأصل الذي ينبغي أن يعول عليه ويتمسك به بعد عدم تمامية الأدلة