عبد الخير غلب عليك غشك يا أبا موسى، وقال سيحان بن صوحان أيها الناس لا بد لهذا الامر وهؤلاء الناس من وال يدفع الظالم ويعز المظلوم ويجمع الناس وهذا واليكم يعني أمير المؤمنين ع يدعوكم لتنظروا فيما بينه وبين صاحبيه وهو المأمون على الأمة الفقيه في الدين فمن نهض إليه فانا سائرون معه وقام الحسن بن علي فقال أيها الناس أجيبوا دعوة أميركم وسيروا إلى إخوانكم فإنه سيوجد لهذا الأمر من ينفر إليه والله لأن يليه أولو النهي أمثل في العاجل والآجل وخير في العاقبة فأجيبوا دعوتنا وأعينونا على ما ابتلينا به وابتليتم وإن أمير المؤمنين يقول قد خرجت مخرجي هذا ظالما أو مظلوما وإني أذكر الله رجلا رعى حق الله الا نفر، فان كنت مظلوما أعانني وإن كنت ظالما اخذ مني، والله إن طلحة والزبير لأول من بايعني وأول من غدر فهل استأثرت بمال أو بدلت حكما فانفروا فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، فسامح الناس وأجابوا. واتي قوم من طئ عدي بن حاتم فقالوا ما ذا ترى وما تأمر؟ فقال قد بايعنا هذا الرجل وقد دعانا إلى جميل وإلى هذا الحدث العظيم لننظر فيه ونحن سائرون وناظرون، فقام هند بن عمرو فقال إن أمير المؤمنين قد دعانا وأرسل إلينا رسله حتى جاءنا ابنه فاسمعوا إلى قوله وانتهوا إلى أمره وانفروا إلى أميركم فانظروا معه في هذا الامر وأعينوه برأيكم وقام حجر بن عدي فقال أيها الناس أجيبوا أمير المؤمنين وانفروا خفاقا وثقالا مروا وانا أولكم فاذعن الناس للمسير وعلى الرواية الأخرى ان أمير المؤمنين ارسل الأشتر بعد ابنه الحسن وعمار إلى الكوفة فدخلها والناس في المسجد وأبو موسى يخطبهم ويثبطهم والحسن وعمار معه في منازعة وكذلك سائر الناس كما مر والحسن يقول له اعتزل عملنا لا أم لك وتنح عن منبرنا فجعل الأشتر لا يمر بقبيلة فيها جماعة إلا دعاهم وقال اتبعوني إلى القصر فانتهى إلى القصر في جماعة من الناس فدخله وأخرج غلمان أبي موسى منه فخرجوا يعدون وينادون يا أبا موسى هذا الأشتر قد دخل إلى القصر فضربنا وأخرجنا فنزل أبو موسى فدخل القصر فصاح به الأشتر اخرج لا أم لك اخرج الله نفسك فوالله انك لمن المنافقين قديما. ذكره الطبري، فقال: أجلني هذه العشية فقال هي لك ولا تبيتن في القصر الليلة ودخل الناس ينهبون متاع أبي موسى فمنعهم الأشتر وقال انا له جار فكفوا وقال الحسن أيها الناس اني غاد فمن شاء منكم ان يخرج معي على الظهر ومن شاء في الماء فنفر معه تسعة آلاف اخذ في البر ستة آلاف ومائتان واخذ في الماء ألفان وثمان مائة وقيل إن عدد من سار من الكوفة اثنا عشر ألف رجل ورجل ويمكن كون الذين ساروا مع أحسن هم المذكورون والباقون ساروا بعد ذلك. روى الطبري في حديثه قال: حدثني عمر حدثنا أبو الحسن حدثنا أبو مخنف عن جابر عن الشعبي عن أبي الطفيل قال علي يأتيكم من الكوفة إثنا عشر ألف رجل ورجل فقعدت على نجفة ذي قار فأحصيتهم فما زادوا رجلا ولا نقصوا رجلا.
وروى الطبري قال: لما التقوا بذي قار تلقاهم علي في أناس فيهم ابن عباس فرحب بهم وقال يا أهل الكوفة أنتم قاتلتم ملوك العجم وفضضتم جموعهم حتى صارت إليكم مواريثهم فمنعتم حوزتكم وأعنتم الناس على عدوهم وقد دعوتكم لتشهدوا معنا اخواننا من أهل البصرة فان يرجعوا فذاك الذي نريد وان يلجوا داويناهم بالرفق حتى يبدؤونا بظلم ولم ندع مرا فيه صلاح إلا آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله. وفي إرشاد المفيد: روى عبد الحميد بن عمران العجلي عن سلمة بن كهيل قال لما التقى أهل الكوفة أمير المؤمنين ع بذي قار رحبوا به ثم قالوا الحمد لله الذي خصنا بجوارك وأكرمنا بنصرك فقام أمير المؤمنين ع فيهم خطيبا فحمد الله واثنى علها وقال يا أهل الكوفة انكم من أكرم المسلمين وأقصدهم تقويما وأعدلهم سنة وأفضلهم سهما في الإسلام وأجودهم في العرب مركبا ونصابا أنتم أشد العرب ودا للنبي ص وأهل بيته وإنما جئتكم ثقة بعد الله بكم للذي بذلتم من أنفسكم عند نقض طلحة والزبير وخلعهما طاعتي وإقبالهما بعائشة للفتنة وإخراجهما إياها من بيتها حتى أقدماها البصرة فاستغووا طغامها وغوغاءها مع أنه قد بلغني ان أهل الفضل منهم وخيارهم في الدين قد اعتزلوا وكرهوا ما صنعا. فقال أهل الكوفة : نحن انصارك وأعوانك على عدوك ولو دعوتنا إلى اضعافهم من الناس احتسبنا في ذلك الخير ورجوناه فدعا لهم أمير المؤمنين ع واثنى عليهم ثم قال لقد علمتم معاشر المسلمين ان طلحة والزبير بايعاني طائعين غير مكرهين راغبين ثم استأذناني في العمرة فاذنت لهما فسارا إلى البصرة فقتلا المسلمين وفعلا المنكر اللهم انهما قطعاني وظلماني ونكثا بيعتي وألبا الناس علي فاحلل ما عقدا ولا تحكم ما ابرما وأرهما المساءة فيما عملا اه واجتمعوا عنده بذي قار وعبد القيس بأسرها في الطريق بين علي والبصرة ينتظرونه وهم ألوف وكان رؤساء الكوفيين: القعقاع بن عمرو وسعد بن مالك وهند بن عمرو والهيثم بن شهاب وزيد بن صوحان والأشتر وعدي بن حاتم والمسيب بن نجبة ويزيد بن قيس وحجر بن عدي وأمثالهم. قال ابن الأثير: سال علي جرير بن شرس عن طلحة والزبير فأخبره بدقيق امرهما وجليله وقال له أما الزبير فيقول بايعنا كرها واما طلحة فيتمثل الاشعار ويقول:
- ألا أبلغ بني بكر رسولا * فليس إلى بني كعب سبيل - - سيرجع ظلمكم منكم عليكم * طويل الساعدين له فضول - فتمثل علي عندها:
- أ لم تعلم أبا سمعان انا * نرد الشيخ مثلك ذا صداع - - ويذهل عقله بالحرب حتى * يقوم فيستجيب لغير داعي - - فدافع عن خزاعة جمع بكر * وما بك يا سراقة من دفاع - وسار علي ع من ذي قار ومعه الناس حتى نزل على عبد القيس فانضموا إليه وسار من هناك فنزل الزاوية وسار من الزاوية يريد البصرة وسار طلحة والزبير وعائشة فالتقوا عند موضع قصر عبيد الله بن زايد فلما نزل الناس ارسل شقيق بن ثور إلى عمرو بن مرجوم العبدي أن اخرج فإذا خرجت فمل بنا إلى عسكر علي فخرجا في عبد القيس وبكر بن وائل فعدلوا إلى عسكر علي وأقاموا ثلاثة أيام لم يكن بينهم قتال فكان يرسل علي إليهم يكلمهم ويدعوهم، وكان نزولهم في النصف من جمادى الآخرة سنة 36 يوم الخميس قاله الطبري وابن الأثير، وفي مروج الذهب وكان مسير علي إلى البصرة سنة 36 وفيها كانت وقعة الجمل وذلك في يوم الخميس لعشر خلون من جمادي الأولى منها اه.
وظاهر الطبري وابن الأثير ان وصوله كان بذلك التاريخ وظاهر المسعودي إن الوقعة كانت قبل ذلك التاريخ بخمسة أيام. وخرج إليه الأحنف بن قيس وبنو سعد مشمرين قد منعوا حرقوص بن زهير وهم معتزلون، قال ابن الأثير: وكان الأحنف قد بايع عليا بالمدينة بعد قتل عثمان لأنه كان قد حج وعاد من الحج فبايعه فقال لأمير المؤمنين اختر مني واحدة من اثنتين اما ان أقاتل معك واما ان اكف عنك عشرة آلاف سيف