إلا أن يقال: إن الترجيح كما يطلق ويتأتى في باب منع الجمع - كما لو تردد خالد في اشتراء كتاب من زيد واشترائه من عمرو؛ حيث إنه لو اشترى خالد الكتاب من زيد فربما يسأل عمرو من خالد عن جهة ترجيح زيد باشتراء الكتاب - كذا يطلق الترجيح، ويتأتى في باب منع الخلو كما لو بنى زيد على ضيافة عمرو وبكر، مع إمكان الجمع بين عمرو وبكر في الضيافة؛ حيث إنه لو أضاف زيد عمرا فربما يسأل بكر عن جهة ترجيح عمرو بالضيافة. ومنه ترجيح المشهور الجملة الأخيرة من الجمل المتعاطفة بالاستثناء.
وبوجه آخر: إضمار الظرف الأول من قوله: " في الكتاب " لا يمانع عن تطرق التبعيض بالنسبة إلى الظرف الثاني فيتطرق التبعيض إليه. وما ربما يقتضيه قوله:
" والحاصل " إلى آخره - من أن عدم تطرق التبعيض إلى الظرف الثاني بواسطة سبق الظرف الأول، وتطرق التبعيض إليه - ليس بشيء.
وبوجه ثالث: لو قال: " ومن جملة ما ذكرته عن فلان فقد رويته عن فلان " وكان المفروض انحصار الظرف المتعلق بالذكر في فلان ولو على وجه الإضمار، يكون مفاده التبعيض بالنسبة إلى روايات " فلان " المتعلق بالذكر، ولا مجال لإنكار هذا المقال. فسبق الظرف الأول لا يصلح للممانعة عن ذلك بلا شبهة، بل كلما تزايد الظرف يتطرق التبعيض إلى جميع الظروف.
ويوضح الحال: أنه لو قيل: " بعض ما كتبت في الدار بخط الحمرة سورة التوحيد " لا إشكال في دلالته على كون بعض المكتوب في الدار غير سورة التوحيد، وكذا لا إشكال في دلالته على كون بعض المكتوب بخط الحمرة غير سورة التوحيد، ولا مجال لدعوى انحصار المكتوب بخط الحمرة في الدار في سورة التوحيد، ومع ذلك، الاستناد على اتحاد المفاد بما ذكر من قبيل المصادرة على المدعى، إذ لم يؤخذ فيه أزيد من كون المدار على إضمار الكتاب إلا أن الذكر لابد له من محل، وليس محل الذكر المذكور في المقام غير الكتاب، وهو