منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٦٧١
معلومة فيما لم يزل. وانما يوصف منها بالبداء ما لم يكن في الاحتساب ظهوره ولا في غالب الظن وقوعه، وأما ما علم كونه وغلب في الظن حصوله، فلا يستعمل فيه لفظ البداء).
وقال شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي (قده): (البداء في اللغة هو الظهور، ولذلك يقال: بدا سور المدينة أي ظهر، وبدا لنا وجه الامر أي ظهر، وبدا لهم سيئات ما عملوا، وقد يستعمل ذلك في العلم بالشئ بعد أن لم يكن حاصلا، وكذلك في الظن. وأما إذا أضيفت هذه اللفظة إلى الله تعالى فمنه ما يجوز إطلاقه عليه، ومنه ما لا يجوز، فأما ما يجوز من ذلك، فهو ما أفاد النسخ بعينه ويكون إطلاق ذلك عليه بضرب من التوسع. وعلى هذا الوجه يحمل ما ورد عن الصادقين عليهما السلام من الأخبار المستفيضة لإضافة البداء إلى الله تعالى دون ما لا يجوز عليه من حصول العلم بعد أن لم يكن، ويكون وجه إطلاق ذلك عليه تعالى هو أنه إذا كان ما يدل على النسخ يظهر به للمكلفين ما لم يكن ظاهرا لهم، ويحصل لهم العلم به بعد أن لم يكن حاصلا، فأطلقت على ذلك لفظة البداء) وقال علم الهدى (قده):
(يمكن أن يحمل البداء على حقيقته بأن يقال:
بدا له تعالى، بمعنى أنه ظهر له من الامر ما لم يكن ظاهرا له وبدا له من النهي ما لم يكن ظاهرا له، لان قبل وجود الأمر والنهي لا يكونان ظاهرين مدركين، وانما يعلم أنه يأمر أو ينهى في المستقبل. وأما كونه آمرا أو ناهيا، فلا يصح أن يعلمه الا إذا وجد الامر و النهي).